عرضا في كتاب "ظهر الإسلام"(ص ١٩٩) فيما نقله عن المسعودى. وقد احتفظت الصفة جماعى بهذا المدلول. ولما كتب ابن عساكر في القرن السادس الهجرى (الثاني عشر الميلادي) ترجمته للأشعرى التي التزم فيها الدفاع عنه، كان غرضه أن يصفه بالسنى الجماعي الحديثى، ويستطيع المرء أن يتبين في هذه الصفات الصيغة التي مروها الحنابلة. ويجب أيضًا أن نفهم كلمة "جماعى" على أنها تدل على نصير العقيدة الصادقة لأهل الدين القديم. ويبقى أن نذكر أن الأشاعرة يقولون عن أنفسهم بعامة أنهم "أهل السنة "الحق" وكلمة الحق تذكرنا بكل دقة بالمفهوم الاصطلاحى لكلمة جماعة، ولكن مع مدلولات أخرى، وهذا نستطيع أن نتبينه في يسر.
وصفوة القول أن الجماعة، إذا فهمت بأنها الاتحاد الحق للمسلمين، تنزع هنا إلى ترك المجال لاصطلاح الأمة، . وإذا أخذت على اعتبار أنها تدل على وحدة العقائد الصحيحة فإنه تستبدل بها استبدالا مناسبا كلمة "الحق".
أما عن العهد المعاصر فإننا يجب أن نذكر حركة الإصلاح للسلفية، التي استجابت بصفة عامة لمؤثرات الفكر الحنبلي، ومن ثم فإن من المنتظر أن يرجع منهجهم إلى الجماعة. والواقع، وهذا منطقى جدًّا، أن رشيد رضا في تحليله لفكرة "الإجماع، يبحث في كتابه "الخلافة" معنى الجماعة". ولكنه لم يتردد في أن يتوسع في المعنى الدقيق الذي حدده لها الحنابلة، فوافق من فوره على تعريف الطبري الذي ذكرناه أنفا وهو يجعل الجماعة هم "أهل الحل والعقد" في كل زمان، وهو يستعمل في الفقرة نفسها كلمة "أمة" بمدلول قريب لا باس به ولكنه غير مطابق بحال. وعنده أن الجماعة هي تلك الطائفة كلها من أولئك الذين يقبضون على زمام الأمور والذين يجب اتباعهم إذا اتفقوا (إجماع). والأمة هي المعرضة بالاضطرابات للانقسام. ومن ثم فإن خير ما يتبع المرء في سلوكه (حديث حذيفة ابن اليمان) هو أن يبقى مخلصا للجماعة وإمامها. ثم إن عنوان الفصل الذي عقده رشيد رضا عن سلطة الأمة