ولاحظ بوركارت أن الغرض الذي رمى إليه المسلمون من الشعيرة هو حماية أنفسهم من الشيطان، وقد أصاب بذلك كبد الحقيقة من حيث أن الرمي بالحصى كان يعد أصلا في بلاد العرب -كما في غيرها - شعيرة تقوم على صب اللعنات (١).
وليس بواضح المقصود بهذه اللعنة، ويذهب فإن فلوتن إلى أنه شيطان المكان مستذكرًا في ذلك الرواية التي ذكرها ابن هشام (ص ٣٠٠، س ٨) أما هوتسما فيقول- تمشيا مع رأيه في أن الحج كان في الأصل من مناسك الخريف- أن المقصود باللعنة والطرد هو الشمس، وكان العرب يسمونها أحيانا الشيطان (انظر Abhandlungen Z. Arab- Philo: Goldziher, ج ١، ص ١١٣). وإنما يكون الفصل في هذه المسألة- بطبيعة الحال- عند مناقشة موضوع الحج بأسره. والاقتصار في يوم النحر، وهو يوم عيد الأضحى. على رمى جمرة العقبة في حين لا ترمى الجمرتان الأخريان إلا في المناسك الأخيرة من الحج، يوحى بأن هاتين الجمرتين ليس لهما إلا أهمية ثانوية، ويعزز هذا الرأى أيضًا وصف الواقدي (طبعة فلهاوزن، ص ٤١٧) لحجة أبي بكر، على أنه يجب علينا ألا نغفل أن ذكر الحجارة التي يضحى عندها إلى جانب الجمرات ليس مقصورًا على بيت الشعر الذي أورده ابن هشام، وقد ذكرناه آنفا، بل إن حسان بن ثابت يطلق في إحدى مراثيه للنبي على جمرة العقبة اسم الجمرة الكبرى، وهذا يدعو إلى الظن بوجود جمرات أخرى (انظر سيرة ابن هشام، ص ١٠٣، س ١٧.
المصادر:
(١) Arab. Lex.: Lane جـ ١، ص ٤٥٣.
(٢) المقدسي: المكتبة الجغرافية العربية، جـ ٣، ص ٧٦.
(٤) معجم البلدان لياقوت، طبعة فستنفلد، جـ ٤، ص ٢٤٦ وما بعدها، ٥٠٨.
(١) هذا لا أصل له. ورمى الجمرات شعيرة من شعائر العبادة فقط، كما قلنا، ولا يضير ذلك كلمات تفلت من بعض الشعراء أو في بعض القصص، قد يكون المراد بها معنى مجازيا. ولم يرد في السنة الصحيحة تعليل لمثل هذه الأعمال التعبدية، إنما هي عبادة فقط، يؤمر بها المؤمن ويجب عليه الطاعة، طاعة ربه وحده. ثم أن ما أتى به الكاتب بعد ذلك لا يقدم ولا يؤخر إذا نظر إلى هذه العبادة النظرة الإسلامية الصحيحة.