للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قبل الصلاة بعد أن يجتمع فيه المصلون، والأسلوب الفريد الذي اتخذته الخطبة من حيث انقسامها قسمين قبل صلاة الجمعة، يبدو أنه قد تأثر (بالقداس) عند النصارى (١) وقد حل الخطيب المأجور على التدريج محل الخليفة أو من يمثلونه في إمامة الصلاة (٢).

المصادر:

انظر إلى جانب أبواب الصلاة في كتب الفقه:

(١) الدمشقي: رحمه الأمة في اختلاف الأئمة: بولاق سنة ١٣٠٠، ص ٢٩ وما بعدها.

(٢) Zur Geschichte des is-: Becker (١٩١١, ١٩١٢ lamischen Kultus, (Der Islam ص ٣٧٤ وما بعدها.

(٣) الكاتب نفسه: Die Kenzel im - Kultus des alten Islam (Noeldeke Festschrift) .


(١) هذا إدعاء كسابقه من غير دليل، فإن صلاة الجمعة على الصفة المعروفة التي وصفنا؛ ثابتة عند المسلمين بالأحاديث الصحيحة المتواترة المؤيدة بالعمل من عهد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إلى الآن، وهي الشيء المعلوم من الدين بالضرورة، فادعاء الكاتب أن خطب الجمعة تأثرت في العهد الأموى بالطقوس النصرانية وبالقداس عند النصارى، إدعاء غير صحيح، ولا أصل له، ولسنا نحب أن نصفه بأكثر من هذا.
(٢) هذا صحيح. وهو مما يأسف له المسلمون كل الأسف، وهو من أعظم أسباب ضعف المسلمين من عصور مديدة، فإن الأصل في خطبة الجمعة أن يخطبها الإمام الأعظم، وهو الخليفة، بنفسه في المصر الأكبر (العاصمة) ويخطبها نوابه الحكام في الأمصار والعواصم وكبار القرى، يجتمع الناس لها في البلد الواحد في مكان واحد، لا يتخلف منهم إلا مريض أو معذور أو متهم في دينه خارج عن قومه، في كل أسبوع مرة. فيخطبهم الإمام الأكبر، ويخطب نوابه في الأمصار والقرى، يعظون الناس ويجمعون قلوبهم على الإيمان والتقوى ومكارم الأخلاق، ويتحدثون إليهم فيما ينوبهم من الأحداث السياسية أو الاجتماعية أو الخلقية أو نحو ذلك. ومن ذلك روح الأمة واتجاهاتها، ويرشدونهم إلى طرق الهدى = = وسديد الرأى، مع المساواة التامة بين الصغير والكبير، والغنى والفقير، فتشعر الأمة بوحدتها وقوتها. حتى إذا ما ولى أمر المسلمين مستبدون أنابوا غيرهم في الخطبة والصلاة، ووضعوا نظام الطبقات الذي جاء الإسلام بهدمه، وولوا ولاة جهالا بدينهم. ولا صلاح للمسلمين إلا أن تعود هذه الفريضة، فيكون أمراؤهم وحكامهم علماء بدينهم، كما يقومون بإقامة ميزان العدل، ويشعر الضعيف قبل الثوى أن حاكمه مثله، لاسلطان عليه إلا في حدود الشرع والعدل. وتكون الأمة كلها واحدة متحدة. أمة أعزة ليس من بينها ذليل. وفي ذلك الفلاح والظفر، إن شاء الله.
أحمد محمد شاكر