للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القرآن (سورة الإسراء، الآية ٣٣) توسل بها من بعد معاوية بن أبي سفيان ونصت على القصاص فرضًا واجبًا في مثل هذه الحالة، وبذلك قررت هذه الآية "حدًّا". وكانت عائشة من معارضى عثمان (وقد اتخذ هذا حجة عليها لنقض حقها في الاحتجاج)، ولكنها لم تكن لتصفح عن مقتله وأدنت في هذا الأمر بملاحظات مشهودة (انظر الطبري، ج ١، ص ٣٠٩٧، ابن سعد، ج ٣، ص ١، ٥٧ - ٥٨). ثم هي لم تستطع أن تحتمل، بصفة خاصة، أن يستغل عليَّ، الذي كانت تكن له منذ مدة طويلة عداوة، فرصة قتل عثمان، وقد حدث بعد ذلك ببضعة أشهر أربعة أشهر فيما يقال بعد مصرع عثمان، الطبري، ج ١، ص ٣١٠٢) أن وصل طلحة والزبير إلى مكة، وقامت مناقشات حادة بينهما وبين عليَّ الذي أبي أن يقيمهما في مناصب في الحكومة، طلبا على إثرها الإذن منه بالمضى إلى مكة لأداء العمرة فسمح لهما بذلك. ودبرت مؤامرة على على اشترك فيها، علاوة على ما أسلفنا، بعض الأمويين وغيرهم من المسلمين الذين راعهم ما انقلبت إليه الحوادث، صحيح أن اغتيال عثمان كان فضيحة، نكن الأسباب الحقيقية للفتنة كانت- فوق كل شيء- هي موقف على المتساهل مع المجرمين مما أشار إلى أنهم سوف يذهبون بلاعقاب.، وحلمه حيال المنشقين الذين أصبحوا في غاية الوقاحة والخطر حتى حمل ذلك عدة أشخاص على الهرب، وما ذاع عنه من أنه يسعى إلى اتخاذ سياسة مناهضة للقرشيين، وكانت المعارضة لعلى قوية في الولايات القريبة كل القرب من الحجاز، وكان معاوية قد أبي أن يدين بالولاء لعلى، أما الكوفة فأنكرت الوالى الذي بعث به الخليفة، وآثرت من كان قائمًا بالولاية فعلا وهو أبو موسى الأشعرى. أما في غير ذلك من الأرجاء فقد تألفت أحزاب تعارض الخليفة الذي كان قد بويع منذ قريب. وحاول المفتتنون أن يختاروا المكان الذي يتيح خير الأسباب لنجاح الفتنة، فاستقر رأيهم في إجتماع لهم على المضى إلى البصرة آملين أن يجدوا فيها المال والجند اللازمين لتنفيذ مأربهم.