عليها الحصار. على أن تقدير اللحظة الدقيقة للجهاد في الدول المنظمة التي يصبح فيها هذا الواجب فرض عين هو أمر متروك لحكمة ولى الأمر. ومن ثم فإنه في حالة التعبئة العامة يفقد الجهاد صفته من حيث هو "فرض كفاية" على جميع أفراد الجماعة، ويصبح "فرض عين".
على أن هذا كله يقتضي أن يكون الجهاد، في نظر أولئك الذين يقبضون على مقاليد السلطة وخاصة ولى الأمر، واجبًا شخصيًا لأن عملهم الشخصى لازم في كل حالة. وحيث تقوم عدة دول إسلامية مستقلة يقع هذا الواجب على حاكم الدولة التي هي أقرب ما تكون إلى العدو.
ثم إن واجب الجهاد نسبى وقائم في هذا المعنى المزدوج، من حيث أنه من ناحية لا يظهر إلا إذا كانت الظروف مواتية تحمل في طبيعتها الأمل في تحقيق النصر، ومن ناحية أخرى أن يكون من الجائز طرح هذا الواجب حين يؤدى العدو مالًا يبلغ قدرا معينا إذا ظهر أن هذه السياسة تتفق مع المصالح التي تقتضيها الساعة.
صفة الجهاد الإضافية:
لما كان الجهاد لا يعدو أن يكون وسيلة إلى تحقيق الدخول في الإسلام أو الخضوع لسلطانه، فإن ثمة فرصة واحدة للقيام به في حالة أن يكون القوم الذين يوجه إليهم قد دعوا إلى الإسلام أولًا. وقد انقلبت المناقشة حول مسألة: هل من الضرورى على هذا الأساس أن توجه دعوة رسمية إلى العدو؟ ويقول المبدأ العام أنه ما دام الإسلام قد انتشر في العالم بما فيه الكفاية، فإن جميع الشعوب من المفروض أن تكون قد عرفت أنها دعيت إلى الدخول فيه. على أنه قد لوحظ أن من المرغوب فيه أن تكرر الدعوة، إلا في الحالات التي يكون فيها أساس للاعتقاد بأن العدو الذي وجهت إليه الدعوة قد يستغل هذا التلكؤ في الإسلام لتنظيم تحصيناته تنظيما أحسن فتضيع بذلك الثمرة الحاسمة من الجهاد.
صفة الجهاد الدائمة: واجب الجهاد قائم ما دامت سيطرة الإسلام على العالم لم تتحقق بعد، إذ تقول الحكم