كان جودت قد اتخذ من هذه المدينة مقامًا. ولكن متاعبه لم تنته بنزول السلطان عن العرش، ففي فبراير سنة ١٩١٠ صادرت وزارة إبراهيم حقى باشا كتاب تاريخ الإسلام لعبد الله جودت بك، على أن الأصل الذي كتبه دوزى، وليست مقدمة جودت لترجمته لهذ الكتاب، هي التي أثارت السلطات أكثر. وسجن جودت شهرًا في شتاء عام ١٩١٢ بعد الهزائم التي منى بها الأتراك في حرب البلقان. وكانت هجمات جودت على رجال الدين الرسميين في مجلة "اجتهاد" هي التي أدت إلى إيقافها مؤقتًا سنة ١٩١٣ وإجبارها على تغيير عنوانها في ثلاث مناسبات سنة ١٩١٤. وانتهت معارضة جودت لاشتراك تركية في الحرب العالمية الأولى بإيقاف المجلة مرة أخرى من ١٣ فيراير سنة ١٩١٥ إلى نوفمبر سنة ١٩١٨. وفي هذه الأثناء نشر جودت عدة كتب غير سياسية منها نشره وترجمته لرباعيات الخيام.
وخدم جودت في وزارة الصدر الأعظم داماد فريد باشا مديرًا عامًا للصحة العامة. على أنه عاد إلى الصدام مع السلطان. وفي ـبريل سنة ١٩٢٢ حكم عليه بالسجن سنتين لزندقته، ولكن الأجراءات القانونية استطالت حتى ديسمبر سنة ١٩٢٦. وفي النهاية أطلق سراحه وسقطت جريمته من القانون التركى الجديد. وتوفى في ٢٩ نوفمبر سنة ١٩٣٢ وظل يعمل حتى النهاية.
وقد نشر جودت كتبًا وترجمات تربى على الستين. ومن ترجماته ست مسرحيات لشكسبير، ولو أن جميع هذه الترجمات يؤخذ عليها أنها نقلت عن الفرنسية فيما عدا أنطوان وكليوباترا، ومع ذلك فإنها لا تخلو من المزايا. وهو حقيق بالكثير من الفضل أيضًا لأنه جعل دراسة علم النفس الحديث معروفة لدى مواطنيه.
والمقال الطويل عن جودت الذي كتبه سوسهايم K. Suessheim في ملحق إسلام انسيكلوبيدياسى، وهو عمدتنا في كتابة هذه المادة، يورد ثبتا كاملًا بإثاره وسيرة لحياته؛ ويمكن أن نضيف إلى ذلك أنور بهنان شابوليو: