الحديثة أن تستغنى عن وجود جيش تركى فيها، وراحت كل واحدة منها بعد الأخرى تصطنع لنفسها جيشًا من هذا القبيل. وكان هؤلاء الأتراك - في أحسن الحالات في المشرق - يوازن سلطانهم باستدعاء عناصر أخرى من أهل الجبال الأشداء البارعين في قتال المشاة مثل الديلم، أو الفرسان كالأكراد، أو الزنوج المحليين أو الهنود (جيش الغزنويين) أما في مصر، فإن الفاطميين الذين غزوها بمجندين من البربر المعززين، كما حدث في إفريقية، بالزنوج والصقالبة والروم، قد حاولا من بعد أن يوازنوا سلطان هؤلاء بإدخال الأتراك في الجيش، ثم سعوا بدورهم إلى إحلال الأرمن بدلهم تحت قيادة قواد يصعب أن نزعم أنهم مسلمون، ثم عمدوا آخر الأمر إلى رد بعض شئون الجيش إلى العرب وكذلك أتاح انهيار الإمبراطورية العباسية فرصة العمل الحربى لعرب من الجزيرة والشام أيدوا الإمارات الحمدانية والمرداسية والعُقَيْليَة وكان البويهيون في غربى إيران يدينون بقوتهم الخاصة إلى الديلم، ولكن حاجتهم إلى الفرسان حملتهم على أن يعززوا الديلم من أول الأمر بالأتراك على أن اختلاف أرومة هؤلاء المجندين الذي حالت اللغة والفروق الفنية بين امتزاجهم بعضهم ببعض في سهولة ويسر، أدى إلى قيام اضطرابات بسبب غيرتهم بعضهم من بعض، فتشاحنوا على نصيبهم من موارد الدولة وتركوا الخلافات التي قامت بين قوادهم، وجعلوا شوارع بغداد والقاهرة تجرى فيها الدماء حين كانوا يفرغون من تزكية قوادهم ورفعهم إلى تسنم السلطان، ولكن حدث من بعد في عهد السلاجقة، وهم شعب تركى، حين أقام هؤلاء أنفسهم على أراض إسلامية ولم يعودوا يعتمدون في ذلك على الجيش فحسب، أن أصبح كيان الجيش لا يتأثر في جميع الأحوال: ففى أول أمر السلاجقة حقق لهم التركمان النصر، وكان هؤلاء التركمان بدوا محاربين بالطبيعة يشبهون العرب الأولين. على أن السادة الجدد للشرق الإسلامى أعادوا تنظيم جيشهم على النهج التقليدى مستخدمين قوات تركية مسلمة، وإنما استطاع التركمان أن يفيدوا من صفاتهم النزاعة للقتال غزاة