موسمية صارمة يقوم بها الأمير إن أمكن أو في حضرته على الأقل، وفى ختام العروض يعطى المقاتلون أعطياتهم.
وكانت جملة الأعطيات تختلف اختلافا كبيرا، بحكم طبيعتها والفترات التي تؤدى فيها وهى فترات قد تكون شهرية أو سنوية، في حين أن موقف جنود الاحتياط كان إلى ذلك عاملا مضطربا وصفوة القول أنه كان يجمع بين الدفع نقدا والدفع عينا في الحسابات. وبقدر ما نظن فإن المعلومات المشتتة غير الدقيقة التي لم يتسير لنا غيرها تدل على أن راتب جندى المشاة أيام الخلافة حتى القرن الرابع الهجري تقريبا (القرن العاشر الميلادي) كان بين ٥٠٠ و ١٠٠٠ درهم كل سنة، أى حوالى ضعفى أو ثلاثة أضعاف ما يكسبه أجير في بغداد وكان الفارس يحصل على ضعف هذا الأجر كما كان القواد يتقاضون أكثر من هذا، ويجب أن يضاف إلى ذلك ما كان يدفع عينا وهدايا السلاطين حين كانوا يعتلون العرش، والهبات التي تمنح بمناسبة الأعياد والمعارك وما إلى ذلك، وما بالك بما كان يستولى عليه الجنود حين يفقدون أسباب النظام أو الغنائم التي يأخذونها بعد الانتصارات أو في المدة التي تعقب الانتصارات ويباح فيها النهب والسلب، زد على ذلك أن ميزانية الدولة كان من المفروض أن تسد تكاليف السلاح وصيانته، والحصون والطرق ذات الأهمية الحربية والنقل والحيوانات إلخ ... وإذا عرفنا أن السعر القانونى لتبادل العملة كان ٣/ ١ ١٤ من الدراهم للدينار الواحد فإننا نستطيع أن نقدر تكاليف صنع السلاح وغيره بنحو خمسة ملايين دينار، ولا يدخل في ذلك نفقات جيش عدته ٥٠.٠٠٠ مقاتل بلغت جملة ميزانيته في أوج الإمبراطورية العباسية قرابة ١٤ مليون دينار. ويقدر مجموع نفقات السلاح والجيش بنصف موارد الدولة، وهو عبء ثقيل استتبع فرض ضرائب ثقيلة وسخط وقيام حلقة مفرغة من فتن أثارها هذا السخط فأدى ذلك إلى قلة الفرصة لتخفيض الضرائب إذ كان الجهد الحربى وقتذاك مركَّزًا وأصبح جزء متزايد من الميزانية يستهلك في