للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الإقطاع على الجيش كله أو على جزء منه. وفى مقدور هذا النظام أن يعفى المقطع من أداء الزكاة أو لا يعفيه منها، ويمكن أيضًا أن يكون هذا النظام موقوتًا أو متبادلا أو قطعيًا أو موروثا، ويمكن أن يكون شخصًا، بمعنى أن يكون قد وضع بحيث يكفل حياة الفارس وأتباعه القليلين، أو عامًا أى أوسع نطاقًا من هذا بكثير جدًا، ويوكل إلى ضابط بشرط أن يكون مسؤولا عن مؤونة الكتيبة كلها ومعيشتها. وقد خلق هذا موقفًا جعل الرواتب المستحقة تزيد أو تنقص عن منحة الإقطاع لكورة بأسرها ونذكر أخيرًا أن الإقطاع يمكن لجميع الأغراض والنوايا أن يحرر المقطع من جميع التضييقات التي يقتضيها الإشراف الحكومى وذلك في نطاق الاختصاص الممنوح للمُقطع، أو يترك المقطع على العكس من ذلك خاضعًا لإشراف تفصيلى يستدعى تدخل الإدارة الحكومية. وكان هذا هو المتبع في مصر، ومنه تطور نظام المماليك. ويمكن أن تكون قد حدثت في الشام مؤثرات متبادلة بين إقطاع المسلمين وإقطاع اللاتين الذي قام في الشام بعد الحروب الصليبية.

ونحن إذ نتغاضى عن الفروق في الزمان والمكان فإن في مقدورنا أن نرى أن الجيش في كل دولة من الدول الإسلامية في المشرق (وأقل من ذلك في المغرب) كان له دور هام وخاص. والجيش، الذي هو الحارس للسلطة الحقيقية وللثروات النامية المعتمدة على ملكية الأراضى، قد أصبح شيئًا فشيئا هو الأرستقراطية الحقة التي فرضت على الأرستقراطيتين القديمتين: أرستقراطية أهل الريف وأهل الحضر، وكان أفراد الجيش بحكم طريقة تجنيدهم التي جعلتهم يكادون أن يكونوا أجانب عن الأهالى الذين لم يكونوا من ثم يحتفلون احتفالا كبيرا بمنازعاتهم الداخلية والتغيرات التي تطرأ على السلطة، قد فرضوا على هؤلاء الأهالى ضربا من نظام الحكم العسكرى، ولا يمسك هذا النظام مع ذلك إلا التأثير المتبادل بين الجيش والإطار الدينى السنى لنظام الحكم القائم عليه، وكان هذا تطورا يتعدى