وكان الجيش حتى صدور "خط همايون" سنة ١٨٥٦ يجند من السكان المسلمين بالإمبراطورية العثمانية دون سواهم. وقد وضع هذا الخط موضع الاعتبار المساواة بين جميع رعايا السلطان في الحقوق والواجبات فقرر من ثم ان يتحمل الجميع عبء الخدمة العسكرية وقضى بإلغاء ضريبة الرؤوس على الذميين. وهذا الغرض ظل حبرًا على ورق حتى سنة ١٩٠٩، ذلك أن رعايا السلطان غير المسلمين قد أعفوا من الخدمة العسكرية نظير دفع البدل والظاهر أن هذا الإعفاء قد طبق على الجماعات الإسلامية وغير الإسلامية فالقانون الصادر سنة ١٩٠٩، الذي ألغى إعفاء غير المسلمين قد ألغى أيضا الإعفاء من الخدمة العسكرية الذي كان ميزة يتمتع بها أهل إستانبول.
وهذا الإعفاء الأخير يدل على قيام ضرب من الصعوبة وقف في سبيل توحيد الإدارة العسكرية ذلك أن اختلاف أجناس الإمبراطورية العثمانية وتعدد أديانها وفرقها، وبقاء امتيازات قديمة ومنح امتيازات جديدة، كل ذلك كان يناهض قيام الوحدة. فقانون سنة ١٨٨٦ الذي ينص على إعفاء أهل استانبول ينص أيضًا على أن سكان سنجق لبنان وساموس يعفون أيضًا وكذلك لم يطبق القانون في إسكودار (اللهم إلا في دوراتزو) وفى اليمن وفى الحجاز وفى نجد وفى طرابلس وفى بنغازى وهذه المتناقضات دليل كاف على المقاومة التي أثارها اتخاذ النمط الأوربى في الإدارة العسكرية.
ويعتمد تدريب الجيش القائم على القرعة العسكرية وسياسته وبلاؤه في الحرب على اكتمال الصحة والتموين والخدمات المالية وإمساك جيد للسجلات. وبالطبع كانت هذه هى الحال التي استوجبت قيام هذه الخدمات في نفس الوقت الذي كان فيه الجيش يجند ويتسع، وكان من المنتظر أن هذه الخدمات وقت الطوارئ وخاصة في أولها سوف تكون دون الحاجه المطلوبة ففى سنة ١٨٤٢ مثلا كان الجنود ينامون بثيابهم ويرتدون