والظاهر أنه كانت فى العصر السلجوقى نزعة إلى اضمحلال أهمية منصب "أمير حاجب" بالنسبة إلى أهميته فى العصر الغزنوى. ذلك أنه لم يعد بخاصة هو قائد الجيش، وإنما أصبح أميل إلى أن يكون عاملا من عمال البلاط. وجنح القوم إلى الإشارة إلى قواد الجيش المختلفين بلقب "إسفه سالار" أو "سباه سالار". على أن الأمير حاجب كان - مثل جميع الأمراء - يشترك بطبيعة الحال فى الحملات الحربية. وكان فى بعض الأحوال يقود قسما من الجيش للسلاطين أو الملوك السلاجقة. وهكذا نجد أن على بن عمر "أمير حاجب" محمود ابن محمد مثلا، يقود طليعة الجيش الذى حارب سنجر (ابن الأثير، جـ ١٠، ص ٣٨٦)، ثم أصبح آخر الأمر الصراف الأكبر للجيش (المصدر المذكور، جـ ١٠، ص ٣٩١).
ويستشهد الراوندى بالسنة المزعومة التى جرى عليها أردشير بن بابك الساسانى فيقول (ص ٩٧) إن الملك يحتاج إلى وزير ليحافظ على استقرار ملكه، ويحتاج إلى حاجب يباشر العقاب (سياست أفزايد) ونديم، وكاتب (دبير). ويصف نظام الملك مهام الحاجب فيقول إنها هى مهام عامل البلاط. ولما كان البلاط بلاطًا حربيًا فإن الأمير حاجب كان فى الواقع أميرًا تركيًا كما جرت الحال، وكان مرؤوسوه فى الغالب من الغلمان (مماليك عسكريين، ووصف السنة التى جرى عليها السامانيون التى أشرت إليها آنفًا). وكان هذا الحاجب يعنى بالنظام العسكرى والحفلات التى تقام فى البلاط. وكان هو أهم عمال البلاط تفوق رتبته رتبة أمير الحرس (أمير حرس، انظر المصدر المذكور، ص ١٢١). وكان أمير حاجب فى عهد محمد بن ملكشاه يتصرف تصرف الوسيط بين السلطان والوزير، يتلقى أوامر السلطان وينقلها إلى الوزير (البندارى، ص ١١٧). ويذكر نظام الملك أيضًا عاملا يدعوه باسم "حاجب دركاه" كان موكولا إليه التشريفات والإجراءات التى تتبع فى البلاط السلطانى (الكتاب المذكور، ص ١١١). وليس من الواضح: هل كانت هذه الوظيفة مختلفة عن وظيفة أمير حاجب، ولكن الراجح أن الاثنين كانا شيئًا واحدًا.