للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأصحاب العرائض وغيرهم من المترددين على بلاط السلطان. وهو مسؤول أيضًا عن تنظيم الاستعراضات العسكرية. على أن المهام الأولى للحجاب فى عهد المماليك لم تكن تنصرف إلى التشريعات بل إلى القضاء، أى القضاء بين أعضاء الطبقة العسكرية المملوكية طبقًا لقوانين "الياسا". وتقول بعض المراجع المصرية إن هذا القضاء الخاص قد أقيم أيام بيبرس حين أصبح المماليك والمغول هم العنصر الهام فى الدولة الشآمية المصرية، وهؤلاء ظلوا رغم إسلامهم، مستمسكين بالسنة المغولية فى الأحوال الشخصية، ويقول المقريزى إنهم قد أقاموا لذلك الحاجب للحكم فيما يقوم بينهم من نزاع، وينتصف للضعيف طبقًا لأحكام "الياسا"، وهم أيضًا يكلون إليه المنازعات الخاصة بالإقطاع (الخطط، جـ ٢، ص ٢٢١؛ انظر ابن تغرى بردى، القاهرة، جـ ٧، ص ١٨٣ وما بعدها). وهكذا احتفظت محاكم الحاجب بصورة من الامتيازات الإقطاعية جعلت للمماليك حصانة من المحاكم والقوانين التى كان يخضع لها الأهالى، أى أن محاكم القاضى كانت تطبق الشريعة وليست مسؤولة إلا أمام المحاكم العسكرية الخاصة: على حين كان قضاة المماليك - وليس قضاة الأهلين - يطبقون الياسا، وهى قوانين أقوى شعوب الفيانى سطوة وأعظمهم احترامًا، وهى الشعوب التى كان يؤخذ منها معظم المماليك، وهذه المحاكم الخاصة كانت تقضى فى الأمور التى تتعلق بأفراد طبقة المماليك بما فى ذلك القضايا المتعلقة باقطاعاتهم.

وبمرور الزمن اتسع مدى ومقدار الأحكام القضائية لكبير الحجاب اتساعًا كبيرًا. وقد كان الحاجب فى أول الأمر مرؤوسًا لنائب السلطان فى مصر ويعرف بنائب السلطنة ولكن سلطانه زاد كثيرًا حين كانت وظيفة نائب السلطنة تترك شاغرة أو عندما انتهى أمر هذه الوظيفة من بعد. ويرجع المقريزى تاريخ اغتصاب سلطة القضاء الإسلامية بمعرفة الحجاب إلى منتصف القرن الثامن الهجرى (الرابع عشر الميلادى)، فقد نقل السلطان شعبان (٧٤٦ - ٧٤٧ هـ = ١٣٤٥ - ١٣٤٦ م)