سلطة القاضى التى كان يتولاها من قبل نائب السلطنة إلى حاجب الحجاب، فأصبح هذا رئيسًا لمحكمة مستقلة تقضى فى الأمور الإدارية (السياسية). وفى عهد السلطان حاجى أعيدت سلطة نائب السلطنة وارتد كبير الحجاب إلى حالته السابقة. على أن هذه الردة كانت موقوته فحسب. ففى سنة ٧٥٣ هـ (١٣٥٢ م) تظلم جماعة من التجار من البلاد المغولية إلى السلطان طالبين الانتصاف من مدينيهم المصريين حين عجزوا عن أن يجدوا العدل عند محكمة القاضى، فأحال السلطان القضية إلى حاجب الحجاب جرجى للفصل فيها: فعذب المدينين حتى أدوا الديون التى عليهم، واستاء السلطان من القاضى ومنعه من الحكم فى القضايا التى تثور بين التجار الأجانب والتجار القاهريين. ويقول المقريزى إنه من يومها حصل الحجاب على حق الحكم التعسفى على الأهلين (الخطط، جـ ٢، ص ٢٢١ - ٢٢٢. السلوك، جـ ٢، ص ٨٦٣)، ويمضى فى قوله إنه حدث بعد اضطرابات عام ٨٠٦ هـ (١٤٠٣ - ١٤٠٤ م) أن أصبح الحجاب أكثر عددًا وأشد عدوانًا (الخطط، جـ ٢، ص ٢٢). وفى عهد المؤيد شيخ (٨١٥ - ٨٢٤ هـ = ٤١٢ - ١٤٢١ م) منحت وظيفة المحتسب نفسها للمرة الأولى لأمير حاجب بدلا من منحها إلى أحد العلماء كما كان الأمر من قبل (القلقشندى: صبح الأعشى جـ ١١، ص ٢١٠). وتشكو المصادر الإسلامية من جور الحجاب الذين كانوا يحكمون فى القضايا التى يتورط فيها المدنيون، بل هم يدعون أنهم يقضون بالحكم طبقًا للشريعة الإسلامية. وكان كثيرون من المتقاضين يؤثرون الأحكام الأسرع والأيسر فى التنفيذ التى يصدرها الحاجب على أحكام القاضى، فى حين أن الحاجب من جهته كانت له مصلحة مالية فى الفصل فى عدد أكبر من القضايا. ويتحدث المقريزى عن أمراء المماليك غير المقطعين وإن كانوا يعيشون على الرسوم والغرامات التى يتقاضونها من حيث هم قضاة فيقول:(المقريزى الخطط، جـ ٢، ص ٢١٩ - ٢٢٠) إن الحاجب أصبح اليوم قاضى القوى والضعيف على السواء سواء كانت القضية شرعية أو سياسية.