الظهور على باب قصره ليشرح الأسباب التى أدت به إلى العمل على قتل برجوان ومطالبة رعاياه جميعا بالطاعة وبذل العون له. وقد أظهر هذا القتل وإبرامه الذى شابه تصميم لا يعرف العاطفة من قبل صبى فى الخامسة عشرة تلك الميول المتعطشة إلى الدم التى وقع فريسة لها معظم وزرائه وأكابر الأعيان من رعاياه.
ومن يومها راح الحاكم يحكم البلاد حكم الطاغية المستبد، لا يطيع إلا أهواءه ومزاجه فى الساعة التى هو فيها، سواء كان ذلك خيرا أو شرا، فيأمر باتخاذ أعجب القرارات وأشدها إسخاطا للشعب ثمَّ ينكرها أو يلغيها، ثمَّ يعود فيؤكدها، متراوحا بين الغلظة والسماحة لينتهى به الأمر إلى الجنون الذى أصابه فى السنوات الأخيرة من حكمه.
وكانت أهم السمات التى تميز حكم الحاكم هى:
(١) سلسلة من الإجراءات تنبع من قلب مسلم، شيعى بخاصة؛ والتعصب الدينى:(أ) قوانين ضد المسيحيين واليهود. (ب) إجراءات ضد المذهب السنى. (جـ) مراسيم لها الصفة الخلقية الاجتماعية (جميع الإجراءات التى ألغيت أكثر من مرة، مع أننا لا نستطيع أن نتبين منها أية أسباب واضحة تدعو إليها).
(٢) عدد كبير من الاضطهادات وآيات القسوة.
(٣) عصيان بين الشعب ومظاهرات السخط التى قام بها.
(٤) شطط الحاكم المتعدد الوجوه الذى يوشك أن يكون جنونا، ودعاواه بالألوهية.
على أن ثمة مناسبات أخرى أظهر فيها الحاكم بساطة عجيبة، وتواضعًا، وزهدًا، وسماحة، وإحساسًا بالعدل، حتى أن الحكم عليه لا يكون فى جميع الأحوال سيئًا.
وكانت الإجراءات التى اتخذت ضد المسيحيين واليهود من أبرز سمات حكمه، ولكن يجب أن نسلم بأنه كان ثمة مراسيم من هذا النوع سبق أن أصدرها الخلفاء العباسيون. ونحن