استخدامهما لصنع المشروبات الروحية) وتحريم الآلات الموسيقية ومنع الحفلات التى يقيمها المغنون والموسيقيون. ولهذا السبب منع النسوة من التزين وإظهار المجوهرات والذهاب إلى الحمامات والجبانات، بل منعهن مرة من الخروج بإطلاق، ومنع الحذائين سنة ٤٠٥ من صنع أحذية لهن حتى أجبرهن على الاعتكاف فى دورهن. وكان بعض النسوة اللائى يذهبن إلى الحمامات رغم هذا المنع يحبسن فيها.
وكذلك حرم الحاكم جماعات اللهو على ضفاف النيل والتريض بالقوارب فى الخليج، وأمر بأن تغلق جميع الأبواب والنوافذ المطلة على الخليج، بل لقد منع الناس من التمشى ليلا أو إبقاء حوانيتهم مفتوحة بعد الغروب، ولو أنَّه كان فى بعض الأحيان يجد متعة فى التمشى فى الطرقات المنارة.
وكانت جميع هذه الإجراءات موضع سخط الناس الشديد. ولا شك أن الحاكم كان حريصا على أن يعامل بشدة فجور بعض الطبقات وفسقها، ولم يتردد فى أن يعاقب أشد العقاب كل من يخرج عن هذه النواهى.
ويمكن أن نسلم بأن الدوافع التى حدت بالخليفة إلى إصدار بعض هذه النواهى كانت جادة، إلا أن ذلك لا يمكن أن يصدق على عدد من الإجراءات الأخرى التى اتخذها. ومن ذلك سلسلة من النواهى عن الغذاء، وكانت هذه النواهى تعوق التجارة وتضايق المستهلكين. فقد حرم "الملوخيّة" وهى نوع من الخضر الغروية المحبوبة جدًا، بحجة أن أبا بكر وعائشة ومعاوية كانوا يحبونها، وكذلك تحريمه الكامخ المعروف بالموَكَّلِيّة، والترمس وبعض المحار، والسمك الذى لا تغطيه قشور (وهذا يذكرنا بالتحريم الذى جاء به سفر التثنية، الإصحاح ١٤، الفقرة ٣ وما بعدها). وربما نشأ تحريمه لذبح الماشية إلا فى عيد الأضحى قد نشأ من الحاجة التى تقتضى حفظ الماشية للزراعة (قارن هذه السياسة بسياسة الحجاج).
ولكن ما قولنا فى الأمر الذى أصدره مرتين بقتل الكلاب لأن نباحها