(مثل الصوم والحج) بعد الدعوة التى قام بها الدرَزَى وحمزة وبسبب أعمال الشغب التى قامت بعد إعلان داعية من الدعاة ألوهية الحاكم فى مسجد عمرو. وقد أصدر الحاكم أوامره لجنوده السود بنهب الفسطاط وحرقه، وقد ارتكب هؤلاء الجنود فظائع ضد السكان. وأنفذ الحاكم الخصى المملوك عدى إلى الفسطاط ليعيد النظام إلى نصابه فوصف له الحالة وصفًا كريهًا فأمر به الحاكم فقتل على الفور. ولكنه اضطر إلى التدخل بنفسه لوقف القتال، ذلك أن الأتراك والبربر قد انحازوا إلى سكان الفسطاط وقاتلوا الجنود السود. وتقول بعض الروايات إن الخليفة كان منافقًا وكلبيًا إذ سأل: من أصدر الأوامر بذلك؟ وأنه راح يسلى نفسه بمراقبة حريق الفسطاط من فوق قمة تلال المقطم. ودامت الاضطرابات أسبوعًا كاملا وترك الكثير من الفسطاط أطلالا.
زد على ذلك أن عهد الحاكم قد شابه عدد من الفتن، فقد قامت أولا فتنة القبيلة العربية بنى قرة فى الإقليم القائم شرقى الإسكندرية وهو البحيرة، ولكن أخطر هذه الفتن كانت فتنة أبى ركوة وليد بن هشام، وهو أمير أموى طرد من الأندلس. وقام هذا الأمير بعدة مغامرات فى أقاليم مختلفة، شملت الشام نفسها، ثمَّ ظهر فى إقليم برقة وظفر بعون بربر زناتة. وكان قد انحاز إليه بالفعل بنو قرة الذين افتتنوا من قبل. وقد نادى بنفسه خليفة وهزم أول الأمر جيشا فى آخر سنة ٣٩٥ هـ (١٠٠٥ م) ثمَّ هزم جيش التركى إنال (فى رواية يحيى: قابل الأرمنى) الذى أنفذه إليه الحاكم. وهنالك ازداد هم الحاكم واستفحل كربه، ذلك لأن مصر والجنود قد ضاقوا بالتقتيل وأعمال القسوة التى أنزلها الخليفة ببنى قرة وكتامة الجيش الشآمى، فأظهروا فرحهم بما أصابه من نكبات وتمنوا أن يتخلصوا من هذا الطاغية. بل لقد بلغ الأمر فيما يظهر بالوزير حسين بن جوهر أن اتصل بأبى ركوة. وعندئذ استدعى الحاكم الغلمان الحمدانيين الذين كانوا فى الشام والبدو الطيئيين لمفرج بن دغفل وأمر عليهم الفضل بن صالح ونشبت معركة بين فصائل من