الجيشين فى ضواحى الإسكندرية. ثمَّ تغلغل أبو ركوة حتى الفيوم وأنفذ بعض فصائله نحو الجيزة حيث كان الخليفة قد بعث بمدد بقيادة على بن فلّاح فهزم هذا المدد. ولكن حدث فى ذى الحجة سنة ٣٩٦ هـ (أغسطس سنة ١٠٠٦ م) أن أحرز نصرا حاسمًا على أبى ركوة فى الفيوم، وأسر أبو ركوة وهو يسرع نحو النوبة وسلمه أمير البطائح النوبية وأعدم فى القاهرة فى جمادى الآخرة سنة ٣٩٧ هـ (مارس سنة ١٠٠٧). وكان الرعب عظيما، فقد اضطر الخليفة إلى إذلال نفسه ليستعيد عطف جنوده واعتذر عن أعمال القتل التى أمضاها. بل لقد بدا فى بعض المناسبات أنَّه كان يفكر فى الهروب إلى الشام، ذلك أنَّه كان من المنتظر أن يدخل المتمرد القاهرة. وقد أدى قلق السكان إلى ارتفاع خطير فى الأسعار. وقد حدث فى سنتى هذا العصيان أن نزل الحاكم عن النواهى الخاصة بالطعام وكان هذا أيضا هو الوقت الذى أبطل فيه الإجراءات التى اتخذها حيال أهل السنة.
وقد أصاب الحاكم رعبًا آخر من جراء الفتنة التى أثارها سنة ٤٠٢ هـ (١٠١١ - ١٠١٢ م) مفرج الجراحى فى فلسطين يشجعه الحسين بن على المغربى (الوزير المغربى) الذى كان قد التجأ إلى ابنه حسن بن المفرج بعد إعدام أبيه على المغربى سنة ٤٠٠ هـ (انظر مادة "الجرّاح، بنو" إذا شئت تفصيلا عن كيف نجحوا فى جهودهم الرامية إلى إقامة مطالب بالخلافة بفلسطين فى شخص شريف مكة سنة ٤٠٣ الموافقة ١٠١٢ - ١٠١٣ م وكيف رشا الحاكم حسّانَ بخيانة الشريف الذى عاد إلى مكة وسلم نفسه للحاكم فعفا عنه).
واشتهرت الانحرافات التى انغمس فيها الحاكم حين تجرد من وصاية برجوان. فقد بدأ يتجول فى طرقات الفسطاط ودروبه ليلا بصحبة عدد قليل من صحابته. وكان إذا فعل ذلك أنار التجار حوانيتهم وبيوتهم والطرقات فتبدو كأنها فى النهار، وكان يحب أن يرى مشاهد المصارعة بين العيارين وأعمال الشغب التى تنزلق أحيانًا فتنقلب معارك دموية بين