للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وجاء فى حديث رواه أبو ذر أن الحجاب يستعمل مرادفًا لستار الموت، إذ روى عن الرسول عليه السلام "أن الله يغفر للعبد ما لم يقع الحجاب. قيل: يا رسول الله وما الحجاب؟ قال: أن تموت النفس وهى مشركة ... ".

وفى الإِسلام القديم والمعاصر يبدو أن الحجاب قد تطور فى أربعة اتجاهات مبتدئًا فى كثير من الأحيان من أسسه التى وردت فى القرآن.

١ - الحجاب الذى فرض أولا على زوجات الرسول عليه السلام ثمَّ توسع فيه من بعد حتى شمل جميع النساء المسلمات الأحرار. وليس الحجاب هو الانتقال من الطفولة إلى البلوغ، ومن العزوبة إلى الزواج. والحق إن الأداة التى استخدمت فى تغطية الرأس والوجه قد عرفت عادة بالأسماء: "لثام" و"قناع" و"برقع" (Dict des: Dozy Vetements). على أن الحجاب إذ يدل أيضًا على القناع نفسه فإنه يشير بخاصة إلى نظامه.

ويدل الشعر الجاهلى العربى على أن سنة الحجاب كانت مرعية من قبل مجئ النبى عليه السلام، ذلك أن الحجاب كان ميزة النساء من درجة خاصة، وكان يشار إليه بأسماء "نصيف" و"سِتْر" و"سجف" وغير ذلك (على الهاشمى: المرأة فى الشعر الجاهلى، ص ٧٩ - ٨٠، ١٤٦). ولعل آيتى القرآن اللتين أمرتا زوجات النبى [- صلى الله عليه وسلم -] وبناته "يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن .... " (سورة الأحزاب، الآية ٥٩) و"وقل للمؤمنات .... وليضربن بِخُمُرِهنَّ على جيوبهن .. " (سورة النور، الآية ٣١) ترجعان إلى السنة الخامسة للهجرة (ابن سعد: الطبقات، جـ ٨، ص ١٧٣ - ١٧). ومع ذلك فإن عائشة يقال إنها لبست الحجاب من وقت زواجها بالنبى عليه السلام (الطبقات، جـ ٨، ص ٥٥) وقد حدث هذا الزواج فى شوال من السنة الأولى للهجرة (البلاذرى: أنساب الأشراف، جـ ١، ص ٤٠٣)

ومن المحقق أن سُنْة الحجاب لم تكن مرعية فى المدينة إلا فى القليل النادر. ويبرر القرآن ذلك فى الواقع على