ولا يزال هو المركز الروحى لهذا الدين، وهو الجزء الشمالى الغربى لشبه جزيرة العرب. والحجاز من حيث هو المكان الذى تقوم فيه الكعبة، ومن حيث هو موطن النبى محمَّد عليه السلام، ومنزل الوحى الذى نزل عليه وقصبة الإقليم الذى كانت فيه الدولة الإِسلامية الأولى، يعد فى نظر المسلمين مثل "البلاد المقدسة" وفلسطين فى نظر اليهود والمسيحيين. والحق إن المسلمين أكثر غيرة على الحفاظ على حرمة مزاراتهم الكبرى. فالمناطق المحيطة بمكة والمدينة المنورة حرم لا يسمح بدخوله إلا للمسلمين، وما أكثر ما فرضت القيود على دخول غير المسلمين فى غير ذلك من أجزاء الحجاز.
وعلى حين تتفق المراجع العربية بصفة عامة على أن الحجاز معناه "الحاجز" فإنها تختلف فى تفسير استعماله. وأشيع الآراء هو أن الحجاز هو سلسلة جبال السراة التى تفصل أسافل الغور أو تهامة على بحر القلزم عن هضاب نجد فى الداخل. وثمة رأى آخر يقول إن الحاجز يقوم بين الشام فى الشمال واليمن فى الجنوب، وقد أظهر البحث الجيولوجى الحديث بأن جبال هذين الصعقين تقوم وراء الدرع العربى الذى تنتمى إليه جبال السراة.
وفكرة الحجاز من حيث هو مانع جاءت أيضًا من أن الكثير من أرضه مغطى بحَرّات التى تجعله "حجاز أسود". ومن أشهر الحرّات فى صدر الإِسلام ليلى، وواقِم، والنار، وبنو سُلَيم. ويقتضى الأمر القيام ببحث آخر لتحقيق هذه الحرات وضبط صيغ الأسماء الحديثة. وقد علم كاتب هذه المادة فى زيارة له لتبوك مثلا أن الحرات التى تقوم إلى الجنوب فيها تسمى "الرهات"(والحركات غير محققة) وعُوَيْرِض، وليست الرَحَى والعُوَيرض كما يردان كثيرًا على الخرائط.
وليس ثمة اتفاق جوهرى فى تعيين الحدود الجغرافية للحجاز: ومع أن تهامة، إذا شئنا الدقة، ليست جزءًا من الحجاز فإنها كثيرًا ما تعد داخلة فيه. وقد سميت مكة فى التلال تهاميَّة،