والمدينة نصف تهامية ونصف حجازية. وفى الشرق تمتد رقعة الحجاز أحيانًا حتى فَيْد بالقرب من أجأ وسلمى، ولكن هذا تفسير مشتط، شأنه شأن التفسير الذى يجعل الحجاز يمتد شمالا فيدخل فى فلسطين. وأكثر الروايات تحديدًا عن حده الشمالى تخرج مدين وحسمى فى الأرض المناوحة لها حسمى من الحجاز. وفى الجنوب كان الحجاز فى زمن من الأزمان يساير اليمن، ولكن الذى حدث فى الأزمنة الحديثة أن عسير كانت تقوم بين الاثنين. والحجاز، كما بحث فى هذه المادة، يطابق بصفة عامة المديرية الغربية للمملكة العربية السعودية الحديثة.
ويمكن تقسيم الحجاز تلبية لأغراض الوصف إلى ثلاثة أجزاء: الشمالى، والأوسط والجنوبى. والجزء الأوسط، وهو أهم الأجزاء بالنسبة لتاريخ الإِسلام، سنتناوله أولا.
ويمكن القول بأن هذا الجزء الأوسط تحده من الجنوب الأراضى القائمة فى جوار الطائف ومكة وجدة وتحده من الشمال الأراضى القائمة فى جوار المدينة وينبع. ومن حافة المدينة تمتد حرة مترامية الأطراف تساير جبال السراة حوالى ٣٠٠ كيلومتر حتى تكاد تبلغ مكة.
وكان الطريق القديم من الطائف يسير شمالا إلى وادى "النخلة اليمانية" ثمَّ يهبط منها سائرًا تجاه مكة. وكان يقوم فى هذا الوادى "قرن المنازل" وهو الميقات الأولى للحجاج من جنوبى نجد وعمان. و"الميقات" الحالى مكان يعرف بالسيل الكبير فى الوادى نفسه. وكانت تقوم فى "النخلة الشامية" ذات عرق، وهى الميقات للحجاج القادمين من شمالى نجد والعراق مارين بدرب زبَيْدة، وهو الطريق الذى زودته زوجة هارون الرشيد بالصهاريج وغير ذلك من أسباب الراحة. وكثيرًا ما تذكر ذات عرق حدًا للحجاز فى هذا الاتجاه. ويلتف الآن طريق عام مرصوف حول الجبال من الطائف إلى مكة مباشرة، ومن ثمَّ يستطاع تفادى العقدة التى إلى الشمال. وتصب النخلتان، اللتان يكتفى اليوم بتسميتهما اليمانية والشامية، فى