وادى فاطمة (يعرف فى الزمن القديم بمر الظهران) وهو المهد الخصيب الذى يقطعه الطريق من مكة إلى جدّة.
وكان المسافرون من مكة إلى المدينة، فى جميع المراحل من تاريخ الإِسلام، لهم الخيار فى سلوك طريقين: الأول يساير الساحل (الطريق أو الدرب السلطانى)، والآخر الذى يسير إلى الشرق من الحرة الكبرى (الطريق أو الدرب الشرقى) مع بعض تغييرات فى سير الرحلة كل عام. والذى حدث قبل دخول السيارات ذات المحركات أن الذين جروا على اختيار الطريق السلطانى كانوا يجاوزون جدَّة توفيرًا للوقت. وعلى مسيرة ثلاث ساعات من مكة كان يقوم المسجد الذى فيه القبر المقبب لآخر زوجات النبى - صلى الله عليه وسلم - "ميمونة" فى سِرِف حيث بنى بها الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وكان الطريق شمالى وادى فاطمة يسير مارًا بُعسْفان مشهد غزوة الرسول لأفراد قبيلة لِحْيان. ثمَّ يقطع الطريق منطقة خُلَيْص المزورعة التى ترتد مسافة ما من الساحل. وغير بعيد وراء القَضيمة يرى بحر القلزم. وتعد رابغ ثغرًا إلا أنَّه ليس فيها ميناء بالمعنى المفهوم، وكانت السفن ترسو على مسافة بعيدة من الساحل وتبعث ببضائعها للقوارب المحلية. وكانت رابغ ميقاتا للحجاج القادمين من الشام ومصر والمغرب، ولذلك حلت محل القرية الخربة الجُحْفَة التى تقوم فى واد يبلغ البحر جنوبى رابغ مباشرة والحجاج الذين يهبطون إلى البحر الأحمر يحرمون حين تمر سفينتهم برابغ. ويقوم شمالى رابغ القبر المشهور لأم الرسول - صلى الله عليه وسلم - آمنة، فى الأبواء واسمها الآن الخُرَيْبَة.
وتخرج طرق فرعية من رابغ وتسير شمالا مارة بجبال المدينة، وتهيئ أسبابًا للاتصال مباشرة وأكثر صعوبة من الطريق السلطانى الذى يستمر مسايرًا للساحل. ومن ثغر مستورة يمتد طريق بديل يعرف باسم "الملف" وهو ينثنى إلى الداخل، ولكن الطريق الرئيسى لا يفعل ذلك حتى يبلغ بدر حنين حيث أذل الرسول - صلى الله عليه وسلم - قريشًا فى ساحة القتال. أما الطريق من ينبع التى حلت محل الجار باعتبارها الثغر