وفى القرن الماضى كانت الحركة التجارية فى الجزء الشمالى من الحجاز على أشدها فى الطرق الممتدة شرقى السراة، وأولها طريق الحجاج الشامى القديم الذى كان يمر بتبوك والعُلا ثمَّ طريق سكة حديد الحجاز التى كانت تساير فى معظم الأماكن طريق الحجاج مسايرة دقيقة. وقد تخربت السكة الحديدية فى الحرب العالمية الأولى، ولم تبدأ إعادة إنشائها إلا سنة ١٣٨٣ هـ (١٩٦٤). وفى هذه الأثناء أقيم طريق عام مرصوف شمالا من المدينة إلى تبوك والحد الأردنى. ويمر هذا الطريق العام بخيبر وتيماء اللتين تقومان على مسافة كبيرة شرقى طريق الحجاج والسكة الحديدية.
والجزء الجنوبى من الحجاز فيه جبال أكثر ارتفاعًا، ومطرًا أشد، وزراعة أكثف من الجزءين. وثمة طريق يسير موزايًا الساحل من جدة مارًا بثغور الليث، والقنفذة وحلى (حلى بن يعقوب) إلى القَحْمَة وهى تعد الآن بداية تهامة عسير. والأجزاء السفلى من الوديان التى تصب فى تجاه البحر تهيئ للزراعة مناطق طيبة.
وثمة طريق هضبى من الطائف ويؤدى إلى واحة الخُرْمَة على الجانب الأقصى لسلسلة جبال حضن (كثيرًا ما تذكر هذه الجبال على اعتبار أنها حد الحجاز فى هذه الأنحاء). وهناك طريق هضبى آخر يربط الطائف بتُرَبَة (بضم التاء وفتحها)، وهو يمتد أيضًا على الجانب الآخر من حضن؛ وطريق ثالث يتخذ مسيرًا مباشرًا أكثر إلى بيشة التى تقوم وراءها "تثليث" على الطرف الجنوبى الشرقى للحجاز. والمسافرون المشرّقون يتخذون دروبا من مناطق الحدود إلى الرياض، ووادى دَوَاسِر وغير ذلك من الأماكن فى نجد. وفى الهضاب تتركز الزراعة فى الواحات الشرقية وعلى طول قنة السراة.
وقد بينا فى خريطة مادة القبائل الكبرى فى الحجاز أيام الرسول عليه السلام، علاوة على قريش فى مكة والأوس والخزرج فى المدينة. وهذه القبائل الثلاث قد اختفت منذ زمن طويل من الحجاز من حيث هى مجموعات قبلية هامة، واندمج أفرادها فى الجماعات الإِسلامية الأوسع منها.