وقد أصبح سكان مكة والمدينة وجدة من جميع الأجناس، وكثير من غير العرب يسكنونها، وتأخذ أهمية الارتباطات القبلية فى الانحسار. وقد ظلت بقايا متناثرة من قريش فى الحجاز، ومعظمها قبائل أو عشائر صغيرة تزعم أن نسبها يرتفع إلى النبى عليه السلام، واصطنع بعضها الحياة البدوية. وكانت قريش أم السلاطين والدول، منها خرج الخلفاء الراشدون، وعبد الله بن الزبير، والأمويون، والعباسيون، وعدد من بيوت الحكم الصغرى فى الحجاز نفسها، وأبرز هؤلاء القرشيين الهاشمية بمكة .. ومن أخلاف قريش الآخرين البارزين فى الحجاز بنو شيبة سدنة الكعبة الوراثيين.
ولم يرد فى هذه الخريطة أيضًا ذكر للقبائل اليهودية الثلاث فى منطقة المدينة وهى بنو قَيْنُقاع وبنو قُرَيْظَة، وبنو النَضيِر، وقد اندثرت هذه القبائل جميعًا ولم يعد لها أى أثر.
ومن الجزء الأوسط للحجاز نجد أن قبيلتى سُلَيْم وهلال، وهى فرع من هوازن، قد اشتركتا فى هجرة البدو الحاشدة إلى مصر ومنها إلى المغرب فى القرن الخامس الهجرى (الحادى عشر الميلادى). وقد حلت محلهما حرب وهى القبيلة الغالبة فى المنطقة القائمة بين مكة والمدينة.
ولا تزال توجد فى جوار مكة والطائف أربع قبائل قديمة هى: هُذَيْل التى خرج من بين صفوفها طائفة من الشعراء؛ وثقيف، وهم سادة الطائف الأولين؛ وفَهْم، قبيلة قاطع الطريق تأبط شرَّا؛ وسعد بن بكر، وهى القبيلة التى روى أنها هى التى نشَّأت محمدًا - صلى الله عليه وسلم - حين كان فى حضن حليمة ومن القبائل الأحدث قبيلة الجحادلة التى تسكن على طول الساحل جنوبى جدة، وقبيلة عدوان فى الجبال القائمة جنوبى الطائف، وقد لعب شيخها عثمان المضائفى دورا هاما فى الصراع الذى نشب بين شريف مكة غالب وبيت سعود ومحمد على والى مصر فى مستهل القرن الثالث عشر الهجرى (التاسع عشر الميلادى).