وفى الجزء الشمالى من الحجاز اختفت قبيلتا عُذرْةَ وجُذام وقد احتلت منازلهما الآن بصفة عامة الحُوَيْطات تجاه الساحل وبنو عطية فى الداخل. أما فزارة وسعد هُذيَم فقد انفرط عقدهما، ولكن بَلىِ وجهينة فى الهضاب بقيتا زاهرتين تعتمد الأولى على الوجه والثانية على ينبع.
وأما القبائل التى ظهرت على الخريطة منسوبة إلى الجزء الجنوبى من الحجاز فقد درست وحلت محلها الأحلاف الكبرى لزهران وغامد فى الهضاب وعدد آخر من القبائل فى جوارها وفى تهامة.
وتحتل مناطق الحدود بين الحجاز ونجد عناصر من القبائل الحديثة، قبائل مُطَيرْ؛ وعُتَيْبَة، والبُقوم، وسُبَيْع وقد حلت هذه القبائل محل بعض الجماعات القبلية القديمة مثل غطفان وهوازن. وتقوم فى الجنوب الأقصى القبيلة التى تحمل الاسم العتيق قحطان.
ولما كان تاريخ الحجاز مرتبطا أوثق الارتباط بتاريخ مكة والمدينة وغيرها من الأماكن الكثيرة والقبائل المختلفة التى اسلفنا الإشارة إليها، فإننا لا نعود إلى التحدث عنها فى هذا المقام. وحسبنا أن نذكر أن الحجاز كان من أقدم الأزمان الاسم الرسمى لدولة مستقلة وظل هذا شأنه إلى أقل من عشر سنوات مضت فى عهد الملك حسين بن على من سنة ١٣٣٤ هـ (١٩١٦ م) إلى سنة ١٣٤٣ هـ (١٩٢٤ م) وهنالك أصبح الحجاز بأسره منذ سنة ١٣٤٤ (١٩٢٥ م) من أملاك البيت السعودى.
والحجاز فى غالب أزمانه أرض فقيرة؛ وهو الآن من جميع الوجوه مقبل على أوقات أزهى وأكثر إشراقا. والقبائل السلابة التى جعلت الحج بالبر طوال عدة قرون أمرا محفوفا بالمخاطر، قد كبح جماحها الآن، ووضع حد للنزاع المتصل بين بعضها وبعض، وقد أدخلت على البلاد إصلاحات بارزة فى المواصلات برا وبحرا وجوا، وعقدت بينها وبين العالم الخارجى صلات أوثق. وأتاح الرقى بالتعليم والصحة العامة وغير ذلك من الميادين، لكثير من