ملوحين بملابس الإحرام فى الهواء وهم يبكون وينشجون، فإذا ما غابت الشمس وراء التلال الغربية بدأت الإفاضة (أو الدفع أو النفر) وهى السعى إلى المزدلفة، فيندفع كل حاج إلى المزدلفة، ويمر الركب بالعلمين وهما حد الحرم ثمَّ لا يلبث المساء أن يحل فتوقد المشاعل وهكذا يصل الجمع إلى المزدلفة، وقلما يخلو الأمر من وقوع حوادث فى أثناء ذلك، فتؤدى فى المزدلفة صلاة المغرب والعشاء معًا، ويقضى الجمع فيها ليلته ويضاء مسجدها، وفى صبيحة اليوم العاشر (أى يوم النحر) يقف الحجاج مرة أخرى عند الجامع قبل شروق الشمس ويقوم قاضى مكة بإلقاء خطبة أخرى، وبعد صلاة الصبح يسعى الحشد إلى منى.
وفى منى يؤدى الجميع مناسك تختلف كل الأختلاف عما سبقها، فعلى كل حاج فى هذا اليوم أن يرمى جمرة العقبة وهى إحدى الجمرات الثلاث بسبع حصيات يجمعها من قبل من المزدلفة لهذا الغرض، ويندفع الحجاج فى حشد كثيف نحو هذه الجمرة، وهى فى الطرف الغربى من وادى منى، وقد نشرت لها صورة فى كتاب قاسم زادة السابق لنا ذكره مقابل صفحة ٢٢٢، وإنما نص الشرع على رمى هذه الجمرة فى هذا اليوم، أما الجمرتان الأخريان فيأتى دورهما فى اليومين التاليين، وتتفق روايتا على بك وبرتون (Burton) تمام الاتفاق فى هذا الشأن، على أنه يجب ألا يفوتنا أن بوركارت (Burckhardt: فى كتابه Travels، جـ ٢، ص ٥٧٨) وكين (Keane: فى كتابه Six months in Mecca ص ١٦١) قد قررا أن الحجاج فى اليوم العاشر من ذى الحجة يرمون بسبع حصيات جلبوها من قبل من المزدلفة الجمرة الشرقية أولا (وهى الجمرة الأولى أو الصغرى) ثمَّ الجمرة الوسطى ثمَّ يرمون آخر الأمر الجمرة الغربية (الجمرة السفلى أو الأقصى أو العقبة)، ولعل ذلك خطأ وقع فيه هذان الرحالان.