وكتاب "تفريج الكروب فى تدبير الحروب" لعمر بن إبراهيم الأوسى الأنصارى، طبعه وترجمه إلى الإنكليزية George T. Scanlon فى الكتاب الحديث الذى ذكرناه آنفا. وثمة أيضا بعض المعلومات فى "مقدمة" ابن خلدون وفى كتب الفقهاء مثل الماوردى والحسن بن عبد الله العباسى ("آثار الأول فى ترتيب الدول" ويبدأ بالقرن الثامن الهجرى الموافق الرابع عشر الميلادى) بل فى كتب الفقه العادية. (أنظر المثل الذى ساقه M.Talbi فى - Ca hier de Tunisie جـ ٤، سنة ١٩٥٦). ويبدأ أى تاريخ للحرب بطبيعة الحال بغربلة كتب الأخباريين (وهو عمل لم يعمل قط من هذه الزاوية) بل قصص الفروسية الشعبية التى تحفل بأوصاف المعارك على تفاوت فى الضبط والوثوق. ويجب أن نذكر أخيرا المعلومات المفيدة التى تقتطف من بعض فقرات كتابين بوزنطيين هما كتاب Taktikon لليو السادس، وكتاب " Stratigikon" لككاومنوس (بداية القرن العاشر الميلادى بالنسبة للأول ومنتصف القرن الحادى عشر الميلادى بالنسبة للثانى).
والحرب، من حيث النظر، ليس لها من مبرر إلا حين تكون "للجهاد". أما الحرب العادية بين المسلمين فقد ذمت، ومن ثم الجهود التى يبذلها الحكام لتصوير عدوهم بأنه قد خرج من بعض الوجوه على أوامر الدين أو أساء إلى السنة. على أن ابن خلدون، عالم الإجتماع، يعد الحرب جزءًا لا يتجزأ من المجتمع الإنسانى منذ الحالة القبلية فصاعدا، ولو أنه يضيف أن الجهاد فى نظر الشريعة وهو إخماد الفتن هما الصورة الواحدة لتبرير الحرب.
وإذا استثنينا حالات الجهاد الرسمى المعلن على الكفار، فإنه لم يرد نص بإعلان الحرب بصورة منتظمة أو صحيحة شرعًا، ولكن الشائع أن كل خصم يبعت إلى خصمه بتحديات تعلن أن الحكم الوحيد الممكن بينهما هو السيف، ومع أنه يحدث بطبيعة الحال أن ينهب "المدنيون" أو يؤسروا إلخ، فإنه يمكن أن يحدث أيضا، حتى فى الجهاد، أن القوافل التجارية تمر بين الجيوش من غير أن يصيبها أذى غير