عابئة بتنازع الحكام (أنظر مثلا ابن جبير: الرحلة، ص ٢٨١).
ولا يدرك المرء - بخلاف ما ورد فى هذه الكتب - العلاقة بين الحرب والسياسة وأن نجاح الأولى يعتمد إلى حد كبير على قيمة الثانية. ومن ثم يوصى الأمير أن يسعى إلى إكتساب ثقة رعاياه، وجنوده بصفة أخص، بتصرفه حيالهم وبإدامة أعطياتهم بانتظام. وهذا يقتضى أن يكون الموقف المالى سليما، وهو حين يستعرض جنوده يجب عليه بطبيعة الحال أن يكون عالما بحالهم أو يتحرى ذلك بنفسه، زد على ذلك أنه يجب أن يكون عارفا دائما بالموقف العام فى الدولة المعادية، أو بالحالة فى الدولة التى تقف منه فعلا هذا الموقف، ومواردها المادية والحالة بالنسبة لروحها المعنوية حتى يستطيع إذا أمكن الاتصال بالعناصر الساخطة فيها، وخاصة فى حظيرة الجيش نفسه. ومن ثم وجب إقامة نظام للجاسوسية يمكن أن يستفاد فيه بحاشية السفراء (ويجب أن يغيروا كثيرا لتحاشى خطر أن يقيموا صداقات فى البلاد المعادية) وبالتجار والحجاج الذين يزمعون الحج حقا والذين يتظاهرون بذلك (كان على الهروى واحدا من هؤلاء). وبطبيعة الحال فإن من المعروف أن العدو يستطيع أن يفعل ذلك أيضا. ولذلك وجب إقامة نظام لمقاومة الجاسوسية وخاصة فى نطاق الجيش؛ على حين يتحاشى اتخاذ إجراءات ضد أولئك الذين تلقوا رسائل من العدو ما داموا لم يستجيبوا بالفعل للإغراء. ومن المستصوب فى الوقت نفسه حملهم على تجديد قسم الولاء. وكل هذا أحدث جوا من الحيل الصغيرة التى تكاد تبلغ مبلغ الخطر والاشتباه العام المأثور عن الحروب بل الحياة السياسية بأسرها فى ذلك العهد ...
ونضيف إلى هذه المعلومات، فى حالة الحرب أو التهديد بالحرب، معلومات عن تحركات العدو، ومن وسائل الحصول عليها البريد، بل إن هناك فى بعض الأحيان مرافق للاتصال السريع (مراقب وخاصة على الساحل والإشارات المنظورة ومراكز الحمام الزاجل) وانظر عن هذا كله J.Sauvaget: