الفرسان على الفور إذا استطاعت أن تبلغه. وحين يقوم الفرسان بالهجوم تترك مسافات بين المشاة، أو هم يقفون جانبا ليفسحوا المجال لهجوم الفرسان. وإذا لم يستطع كسر الهجوم بالهجوم المضاد، فإنه قد يؤدى سريعا إلى ارتداد فرسان العدو، ويحدث هذا الارتداد اضطرابا فى صفوف العدو. وفى حالة تفوق العدو كثيرا فى العدد، أو أى ضعف آخر يصيب الجيش، فإن الصفوف قد يستبدل بها مربعات متينة التكوين لتوقف سورة الهجوم. والهجوم لا يحدث عادة على القلب والأجناب فى وقت واحد، ولو أنه قد تحدث هجمة من قسم من الجيش على نقطة ومن قسم آخر على نقطة أخرى. وينشأ عن هذا أن يهزم قسم من الجيش وينتصر قسم آخر. وقد وقعت حالات ظن كل جانب انه انتصر أو انهزم. على أنه يحدث بصفة عامة أن يمضى فى القتال قسم من قسمى الفرسان الذى انتصر فى القطاعات الخاصة به قبل أن يدهم القسم الآخر القطاعات الأخرى من جيش العدو. والحق إن الخطر العظيم يكمن فى أنه ما إن يبدو الانتصار محققا حتى يهرع المنتصرون متكالبين على متاع الجيش وخلافه للاستيلاء على الغنيمة، ومن ساعتها يعودون غير قادرين على إبداء أية مقاومة إذا عاود العدو فجأة الهجوم.
وكثيرا ما كانت تبذل المحاولات لتنظيم الكمائن، إما باستغلال ممر جبلى على طريق جيش العدو، وإما بمحاولة خداع العدو بالمناورات إبان المعركة وجرّه إلى مواقع معدة من قبل. وكان إعداد الكمائن فى كثير من الأحوال يقترن بحركة من الفرسان من التحركات التى يتظاهر فيها بالفرار، وقد برع الأتراك فى هذا بصفة خاصة، وكان العرب بلا شك أخف من الصليبيين وأسرع (ويعتمدون كما فعلوا على التحركات التى تفاجئ العدو فى حشد حاشد)، على حين كانوا بصفة عامة يهجمون فى صف واحد، أما الأتراك فكانوا يهجمون وهم يرمون بالنبال فى سيرهم مكونين جيشهم بحيث ينهالون على العدو بالسهام من جميع النواحى. وهم لا يصرون فى محاولتهم إلى اختراق صفوف العدو،