ولكنهم حين يشتبكون معه يحاولون جر هذه الصفوف فى مطاردة وبذلك يشيعون الاضطراب فى صفوفه، ثم هم ينقلبون عليه فجأة بمساعدة أخيرة تبذل لهم من قوة جديدة كانت مهيأة فى كمين. ومن العجيب أن الأقوام المتعاقبة شبه البدوية التى كانت تدين ببعض نجاحها إلى اتباع هذه الحركات الحربية، ما ان أصبحت أكثر استقرارا وملكت إمبراطوريات سارت جيوشها على النمط الأثقل تسليحًا والأكثر أخذًا بالتقاليد حتى أخذت واحدة بعد أخرى تنسى طريقتها البدائية فى القتال وقد أنزل بها الهزيمة وافدون جدد ظلوا يتبعون هذا النهج البدائى فى الحرب.
وفى أثناء المعركة يستبدل القائد بخيل الجنود التى قتلت وسلاحها الذى فقدت أو الذى أصبح عديم الجدوى خيلا أخرى وسلاحا آخر. وثمة جدال فى الفقه حول قتل غير المحاربين والنساء والأطفال والعجائز ورجال الدين، ولكنه يستنكر ذلك بصفة عامة. وأثناء الحصار بصفة خاصة، وإبان المعارك التى تدور فى العراء بصفة عامة، فإن الأشخاص أو الجماعات قد تحصل على الأمان وقد يصدر هذا الأمان حتى من شخص عادى. ومن المآسى الكبيرة أن تجئ الهزيمة منكرة تحول دون دفن القتلى الذين يتركهم العدو فى كثير من الأحيان صرعى حيث قتلوا ونهبوا. على أننا نستطيع القول بصفة عامة أن الهدف لم يكن القتل بقدر ما كان الإستيلاء، وما إن تخاض المعركة وينتصر فيْها حتى ينهب معسكر العدو. وكان الأمير، من حيث المبدأ، يحتفظ لنفسه بخمس الغنيمة الشرعى، ولكن ما كان أكثر ما يسير توزيع الغنيمة فى منتهى الفوضى، وكان الجنود أثناء ذلك لا يراعون القواعد الأساسية فى اقتسام الغنيمة، ولا حتى يلتزمون بأى نظام. وكان كل واحد بصفة خاصة يستحوذ لنفسه على كل ما يستطيع من أسرى رجالا ونساء ثم يبيعهم بعد ذلك فى سوق الرقيق (ويتسبب بذلك فى رخص أسعارهم إذا كانوا كثيرين) أو يحتفظ بهم. وكان الفلاحون، كلما استطاعوا، يسرقون الضالين من الجنود من الطرفين المتقاتلين.