الكبرى. والصورة غير واضحة فيما يتعلق بمعركة عين جالوت). وثمة تفسير واحد ممكن لذلك هو أن الطرفين لا يستطيعان اللجوء إلى هذه الحركات الحربية الخاصة بالتطويق أحدهما مع الآخر بنجاح، لأن كلا منهما كان خبيرًا بهذه الحركات (استخدمها الخوارزمية بنجاح كبير مع الفرنجة فى معركة غزة سنة ٦٤٢ هـ = أكتوبر سنة ١٢٤٤؛ انظر سبط بن الجوزى، ص ٤٩٤، س ٣ - ١٦. وفي سنة ٧٠١ هـ = ١٣٠٢ م أخمد المماليك فتنة كبيرة أثارها البدو من الصعيد بتطويقهم "فى حلقة مثل حلقة الصيد"، المنصورى، ورقة ١٢٣١ - ١٢٣٢). وثمة تفسير آخر ممكن هو أن فن الحرب عند المماليك كان قد انحرف تدريجًا من الفن عند إخوانهم الأتراك المغول تحت تأثير انتقالهم إلى حياة الاستقرار واتباع السوابق الحربية الإسلامية. وقد يصدق هذا، إلى حد أقل، على الجيوش المغولية بإيران. ومن المعروف جيدًا أن الصيد كان من الوسائل الكبرى للتدريب على الحرب الفعلية لدى بدو الفيافى. وقد ذكرت "حلقة الصيد" فى عهد بيبرس الأول أكثر بكثير مما ذكرت فى عهود السلاطين المتأخرين، وقد يدل هذا على اضمحلال أساليب الحرب البدوية بين المماليك بمرور الزمن (انظر التدريب العسكرى لدى المماليك: D.Ayalon: Furusiyya exercises and Notes on the games in the Mamluk Sultunate في - Scrip ta Hierosolymitana جـ ٩ , ص ٣١ - ٦٢؛ A Muslim Manual of: T.Scanlon War, القاهرة سنة ١٩٦١).
ومن السنن التى جرى عليها المماليك فى معاركهم نذكر الملاحظتين الآتيتين الجديرتين بالالتفات.
(أ) فى معركة أبْلُسْتَيْن (سنة ٦٧٥ هـ = أبريل سنة ١٢٧٧) ترجل المغول عن جيادهم وقاتلوا حتى الموت (النهج، جـ ١٤، ص ٤٢٤، س ٥ - ٦؛ ابن كثير، جـ ١٣، ص ٢٧١ - ٢٧٢؛ النجوم الزاهرة، طبعة القاهرة، جـ ٢، ص ١٦٨). والظاهر أن هذا النوع من القتال كان شائعًا جدًا لدى المغول (انظر عن استخدامهم المتكرر لذلك فى حروبهم مع خوارزمشاه: سبط بن