أولئك الذين يؤيدون الجنود بدعواتهم وشفاعتهم) (انظر فصل ٣٤)، وفى أثناء حملة ألب أرسلان فى الأناضول سنة ٤٦٣ هـ (١٠٧١ م) وضع الخليفة القائم دعوات خاصة من أجل الجنود المسلمين، وأرسلت نسخ منها إلى "الخطباء" الملحقين بالجيش السلجوقى، وقد تليت الدعوات قبل معركة ملازكرد (حسينى: أخبار الدولة السلجوقية، ص ٤٧ - ٤٨، La Campagne de: Cahen -Mantzikert d'apres les Sources musul manes فى Byzantion، جـ ٩، سنة ١٩٣٤، ص ٦٣٣). وكانت الجيوش التى شنت الحملة على الروم والكرج فى شرقى الأناضول وعلى القوقاس تضم فى العادة عناصر دينية للتسوية بينها فى هذا المقام وبين "الغزاة" الذين لم يكتفوا بحث الجنود على القتال بل كانوا أيضًا يشتركون فى الممعمعة. وفى حلف سنة ٥٧٠ هـ (١١٧٤ - ١١٧٥ م) الذى أقامه الحكام المسلمون لشمالى آسية ضد الكرج خصصت أم السلطان السلجوقى أرسلان بن طغرل جماعة من عشرة من رجال الدين لهذا الغرض برئاسة إمام همذان، ولما تراخى الجنود المسلمون قاد الإمام جماعته ودخل بها القتال فى هجوم عنيف حين نجى الإسلام فى هذا اليوم (الراوندى: راحة الصدور، ص ٢٩٩ - ٣٠٠).
وفى عصر ساده الاعتقاد بسلطان النجوم على شئون البشر سيادة تامة، أصبح القرار بالدخول فى المعركة يقوم على مثل هذه الأسس غير العقلية مثل تنبؤ منجم القائد الشخصى، وهو شخص مهم فى حاشيته (ابن الأثير، جـ ٢٩، ص ٣٢٨). وكانت السنة العربية القديمة التى تقتضى قيام مبارزات شخصية بين أبطال كل جيش قبل أن تعطى الإشارة بالاشتباك فى القتال شائعة لم تزل، وقد أفرد مدبّر فصلا بعنوان "المبارزات"(فصل ٢٧). وكانت نتيجة هذه المبارزات خليقة بأن تؤثر فى الروح المعنوية للجيشين المترقبين للقتال، ومن ثم تؤثر فى القتال الذى يتلو ذلك. والذى حدث فى المعركة الثالثة التى دارت بين المتنافسين السلجوقيين بركيارق ومحمد عند روذروار سنة ٤٩٥ هـ (١١٠٢ م) أن المبارزات الشخصية التى