دارت لم تسفر عن نتيجة حاسمة، ومن ثم انفض الاشتباك بين الجيشين ودبر أمر الصلح (ابن الأثير جـ ١٠، ص ٢٢٤ - ٢٢٧).
ونحن ننتقل الآن إلى ترتيب الجنود فى ميدان المعركة نفسه. لقد كان قواد الفرس فى الجاهلية ينشرون جنودهم صفوفًا طويلة متراصة، وهنالك يتقدمون لملاقاة العدو (كما وقع فى معركة القادسية، انظر ما سبق بيانه)، ولكن ذلك قد عدّل عادة بتقسيم الجنود إلى جماعات مقاتلة. ونشأ عن هذا التشكيل القديم "تعبئة" من خمسة أقسام، سماها فخر مدبّر "الطريقة الفارسية" التى جرى عليها الساسانيون تمييزا لها من الطريقة التركية. وقد استخدمت الطريقة الفارسية بالنسبة للجيش فى سيره وفى ترتيبه للمعركة ما دامت الأرض مستوية إلى حد معقول أو مكشوفة فى حالة الترتيب للمعركة. وكانت هذه الطريقة تشمل "مقدمة" و"ميسرة" و "قلبا" و"ميمنة" و"ساقة" أو "خليفة" وتشمل الاحتياطى، وكان قوام الجيش كله تسبقه مسيرة ستار من الكشافة (الطلائع).، يقول فخر مدبّر إن القائد المتولى المعركة يجب أن يضع نبّالته على ميسرته، وحملة الحراب على ميمنته، وحملة الأقواس والهراوات والسيوف والبلط فى القلب، ويجب أن يبدأ القتال بتحرك الميسرة إلى الأمام يتبعها القلب والميمنة (فصل ٢٤).
وتزودنا المصادر التاريخية بشواهد وافرة على استخدام التشكيل الخماسى، ولو أن "المقدمة" حين تشتبك الجيوش بالفعل، ترتد لتندمج فى الكتل الثلاث المكونة للصف الأمامى. وحين هزم محمود الغزنوى سنة ٣٨٩ هـ (٩٦٩ م) الأمير الساسانى أبا الفوارس عبد الملك وأمراءه عند مرو، تولى السلطان محمود نفسه قلب جيشه فى عشرة آلاف فارس و ٧٠ فيلا، وتولى أخوه أبو المظفر نصر ميمنة الجيش فى عشرة آلاف فارس و ٣٠ فيلا، وتولى القواد السابقون لأبيه سبكتكين الميسرة فى اثنى عشر ألف فارس وأربعين فيلا (هلال الصابى فى - of the Abbas Eclipse id Caliphate, جـ ٣، ص ٣٤٢ - ٣٤٣؛