للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

زعم البعض، وثيقة دستورية أساسية (شرط نامه أساسى) بل كان إجراءً إداريًا لصبغ البلاد بالصبغة الغربية "ولو كان الأمر العالى فى الأحكام القانونية العامة التى وردت فى ديباجته لم يقتصر على الحرية الشخصية دون سواها، وهى الحرية التى فسرت بأنها تأمين الناس على حياتهم ومالهم وشرفهم، وأعلن علاوة على ذلك مبادئ أساسية أخرى كحرية الفكر، وسيادة الشعب، واعتماد الجهاز الحكومى على المشورة (أى حكومة تمثيلية مسؤولة) لا تخذ بذلك، وبذلك فقط صفة الميثاق الأساسى .. ) (عبرت، عدد ٤٦، سنة ١٨٧٢، وقد استشهد بذلك إحسان سونغى: تنظيمات ويكى عثمانلى لر فى تنظيمات، جـ ١، إستانبول سنة ١٩٤٠, ص ٨٤٥؛ الترجمة الإنكليزية فى Emergence: Lewis، ص ١٦٧).

وبصدور الدستور العثمانى الأول سنة ١٨٧٦ م، بدا البرنامج الحر البرلمانى للعثمانيين الجدد على وشك أن يتحقق. فقد قررت المادة العاشرة من هذا الدستور أن الحرية الشخصية لها حرمتها التى لا تنتهك، وتتناول المواد التالية: حرية العبادة والصحافة والاجتماع والتعليم .. إلخ. وكذلك التحرر من الانتهاكات التحكمية لحقوق الأفراد وللسكن والمال.

على أن الأحكام السياسية فى هذا الدستور جاءت أقل من ذلك أخذًا بالحرية. فهى لا تستمد من سيادة الشعب بل من إرادة السلطان الذى احتفظ بامتيازات هامة كما احتفظ بسلطاته الباقية ولم يعترف إلا اعترافًا هينًا بمبدأ الفصل بين السلطات على أن عمر هذا الدستور الفعلى كان قصيرا على أية حال. ففى فبراير سنة ١٨٧٨ م حل البرلمان، وظل لا يجتمع ثلاثين سنة أخرى.

وفى عهد عبد الحميد كانت الحرية كلمة محكوما عليها بالإعدام، وأصبحت المثل التى تعبر عنها تزداد ندرة. وفى نظر المجددين الأتراك لهذا الجيل كان الغرب المنبع الذى تستقى منه المثل المادية لفوائد الحرية والهداية العقلية إلى طريق بلوغها. وقد كتب سعد اللَّه من معرض باريس سنة ١٨٧٨ م يقول: "إذا نظرت إلى هذا العرض الساحر للتقدم البشرى فلا تنس أن كل هذا الذى