للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تحقق هو بفعل الحرية ففى ظل الحرية تحصل الشعوب والأمم على السعادة، وإذا انعدمت الحرية لم يعد هناك أمن، وبلا أمن لا يكون سعى، وبلا سعى لا يكون رخاء، وبلا رخاء لا تكون سعادة .. " (سعد اللَّه باشا: ١٨٧٨, باريس إكسبوزسيونى فى أبو ضيا توفيق: نمونه .. ص ٢٨٨؛ الترجمة الإنكليزية فى Middle East: B . Lewis, ص ٤٧). وكما أن جيلا سابقًا قد اتجه إلى فولتير وروسو ومونتسكيو فكذلك قرأ الجيل الجديد كتابات هايكل Haeckel وبوخنر Buechner وله بون Le Bon (وكان الأخير يفضل بصفة خاصة لتعاطفه مع الإسلام) وسبنسر ومل وغيرهم كثير. وقد كتب حسين رحمي سنة ١٩٠٨ م يقول: "إذا كان يوجد اليوم أناس يستطيعون التفكير والكتابة والدفاع عن الحرية، فإنهم أولئك الذين تنورت عقولهم بهذه القبسات (من الثقافة الأوربية) وفى تلك الأيام المظلمة الكئيبة كان أصدقاؤنا وهداتنا هم تلك الكنوز العقلية للغرب، وقد تعلمنا حب التفكير وحب الحرية من هذه الكنوز" (مقدمة شبسودى، إستانبول سنة ١٩١٢؛ الترجمة الإنكليزية فى Niyazi Secularism: Berkes، ص ٢٩٢). ونستطيع أن نعبر عن ذلك فى لغة سياسية عملية فنقول إن الحرية كانت تعنى حكومة دستورية تمثيلية - أى أنها نهاية للأوتوقراطية وعودة الدستور وتأمين حقوق المواطن بالانتخابات والبرلمانات الحرة. على أن الحرية لم تعد مسألة سياسية محضا، ذلك أنها كانت تقتضى فيما تقتضيه عند أنصار الأفكار المادية والعلمانية تحررًا عقليًا مما ارتأوا أنه قيود غامضة تقوم على الدين ولعل أول من تصور الحرية فى لغة الاجتماع والاقتصاد كان هو الأمير صباح الدين الذى سعى إلى الخروج بتركية من النظام الجماعى إلى نظام اجتماعى فردى بانتهاج سياسة الفيدرالية واللامركزية وبتشجيع العمل الخاص. ذلك أنه أسس سنة ١٩٠٢ م جمعية كرست لتحقيق هذه الأغراض. وقد أوحت أفكار من هذا القبيل بقيام الاتفاق التحررى "حريت وائتلاف" الذى ظهر سنة ١٩١١ م إحياء لحزب الاتحاد والترقى وثمة شاهد هام على استعمال الكلمة بمعنى اجتماعى ذاتى