Tirannide" di V. Alfieri. الجزء نفسه، ص ٣٣٥ - ٣٣٧).
ومن أقدم المناقشات للحرية فى مصر التى مرت فى تلك الأيام دون التفات كبير وأتت بعد الشيخ رفاعة هى المناقشة التى قام بها الأزهرى الشيخ حسين المرصفى. فهو قد عمد فى "رسالة الكلم الثمان" التى نشرها فى القاهرة سنة ١٢٩٨ هـ (١٨٨١ م) إلى دراسة وتفسير ثمانية مصطلحات سياسية شاعت على ألسنة الناس وقصد بذلك فائدة الشبان الأذكياء فى تلك الأيام، وكانت "الحرية" ص ٣٦ - ٣٧) مصطلحًا من هذه المصطلحات فسرها فى لغة طبيعية اجتماعية، ففرق بين الإنسان والبهائم ودرس ما درج عليه الناس اجتماعيًا من التخصص والاجتماع ومن ثم كانت الحاجة إلى التعاون الاجتماعى والاعتراف المشترك بالحقوق. وقد أدرك الشيخ المرصفى الحاجة إلى الحرية بهذا المعنى الطبيعى والاجتماعى، ولكنه يحذر قراءة الشبان فى شئ من الغموض من التوسعات العصية لهذه الفكرة فى عالم السياسة.
وعلى الرغم من هذه التحذيرات فإن الفكر السياسى الليبرالى الأوربى ظل ينمو ووجد تعبيرا له بكثرة فى الكتابات العربية والتركية. فقد عرضت مزايا الحرية عروضًا شتى ودوفع عنها. ورأى البعض الذين فهموا الحرية فهمًا غامضًا أنها لم تزل طلسمًا سريًا لرخاء الغرب وسلطانه. ولذلك فإن اقتباسها كان أمرًا مرغوبًا فيه لبلوغ هذه النتائج نفسها. ورأى البعض الآخر أن الحرية هى القضاء على الاستبداد الذى تجسد فى شخص السلطان عبد الحميد، وإقامة نظام دستورى للحكم بدلا منه. ولعل آخر عرض وأقواه للموقف الليبرالى التقليدى فى العربية كان على يد المصرى أحمد لطفى السيد (١٨٧٢ - ١٩٦٣ م). كان هذا الرجل تليمذًا صريحًا لجون ستيوارت مل وغيره من ليبراليى القرن التاسع عشر الميلادى. وقد جعل مشكلة الحرية محور تفكيره السياسى. فالحرية فى الجوهر معناها حقوق الفرد، أجل حريته الطبيعية التى لا نزول عنها تحددها وتؤمنها الحقوق المدنية، وهذه تؤمنها التدابير والنظم السياسية والشرعية. ويجب أن يكون عمل الدولة وتدخلها فى أقل درجة. ويجب أن تؤمن حرية الفرد والأمة على يد صحافة