حرة وقضاء مستقل ونظام حكم دستورى يحقق الفصل بين السلطات.
ولم يعن لطفى السيد بحرية الفرد فحسب، بل عنى أيضًا بحرية الأمة التى لها حقوق طبيعية مشتركة متميزة عن مجموع الحقوق الإضافية للأشخاص التى تتألف منها هذه الحرية، وقد أنكر لطفى السيد الجامعة الإسلامية واعترض على القومية العربية، ورأى أن الأمة هى مصر ودافع عن تحررها من الحكم الأجنبى والتسلط الوطنى.
ومضى التفسير الليبرالى يجد له أنصارًا وخاصة بعد ثورة حزب تركية الفتاة سنة ١٩٠٨ م، ثم بعد الانتصار العسكرى للديموقراطيات عقب ذلك بعشر سنوات، على أننا نجد فى الوقت نفسه تفسيرًا جديدًا للحرية ينمو ويكتسب أنصارًا، وقد نشأ هذا التفسير من انتشار الاستعمار وظهور القومية. ذلك أن الحرية فى استعمال الآخذين بالقومية مرادفة للاستقلال أى سيادة الدولة لا تكبلها أية سلطة أجنبية أقوى منها. ويقال للأمة أمة حرة إذا تجردت من أى خضوع من هذا القبيل للأجانب، بصرف النظر عن الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية السائدة فيها. وكان هذا التفسير للحرية بين الأتراك الذين لم يفقدوا استقلالهم قط وإن تهدد هذا الاستقلال، أقل أثرًا منه بين الشعوب العربية التى كان الموضوع الرئيسى الذى تدور حوله حياتهم السياسية هو إنهاء الحكم الأجنبى. والذى حدث فى المدة التى ساد فيها البريطانيون والفرنسيون أن الحرية الفردية لم تكن قط قضية تثير الاهتمام الكثير. صحيح أن هذه الحرية كانت فى كثير من الأحوال محدودة وفى بعض الأحوال معطلة إلا أنها كانت بصفة عامة أشمل وأفضل تأمينًا مما كانت عليه من قبل ومن بعد ذلك أن نظم الحكم الاستعمارية منحت الحرية وأمسكت عن الاستقلال. وكان من الطبيعى أن يكون الصراع ضد الاستعمار مركزًا على الاستقلال تاركًا الحرية. وفى الانقلاب الأخير على الغرب أنكرت أيضًا الديموقراطية الغربية ورميت بأنها زيف وخداع ولا قيمة لها للمسلمين. واحتفظت كلمة "حرية" وكلمة "تحرير" بسحرهما، ولكنهما خلتا من ذلك المضمون الفردى