جنسا متفوقا (الواحدى، ص ١٤٨، الأبيات ١ - ٥، ص ١٦٠، الأبيات، ٢ - ٦، اليازجى، ص ٨٧، ٩٦). وبازدياد معرفة أبى الطيب بهذه الحياة التى كان يزهد فيها، نما شعوره سريعا بموهبته، فازداد غروره إلى درجة لا تكاد تتصور (الواحدى، ص ٦٠؛ اليازجى، ص ٣٤). وقد دفعته عصبيته العربية، شأن جميع أعداء الشعوبية، إلى مهاجمة الأعاجم المغتصبين (الواحدى ص ٥٨، البيتين ٣٠ - ٣١؛ اليازجى ص ٣٣). ولذلك نستطيع أن نعرف من التناقض الذى لم يكد يبرأ منه لماذا كان يطمع طوال حياته فى الثروة والسلطان اللذين كان يحتقرهما من أعماق نفسه، مع أنه كان يتميز عن بقية معاصريه بخلقه المتشدد وصرامته (البديعى: كتابه السابق، ص ٧٨ - ٨١).
ونجد أبا الطيب يقصر تفكيره أول الأمر على غزو العالم بمواهبه الشعرية، ولذلك رأى أن يبعث عن ميدان أوسع لنشاطه؛ فترك الكوفة حوالى نهاية عام ٣١٦ هـ (٩٣٨ م)، والراجح أن هذا الرحيل كان نتيجة لنهب القرامطة هذه المدينة مرة أخرى. ومن الطبيعى أن تجتذبه بغداد (البديعى، كتابه السابق، ب ١، ص ٨٢ - ٨٣) فيمدح فيها مواطنه محمد بن عبيد الله العلوى (الواحدى، ص ٦ - ٧؛ اليازجى، ص ٣ - ٤) ثم يرتحل منها إلى الشام، فيعيش فيها عامين عيشة الشعراء الجوالين فى ذلك العصر (Renaissance des lslams: Mez ص ٣٥٦). ولكنا لا نستطيع أن نتتبع تجوال الشاعر لأن ديوانه، وهو مرجعنا الوحيد، لم يرتب ترتيبًا زمنيًا مقنعًا. وقد مدح فى بعض قصائد هذه الفترة من حياته شيوخ البدو فى إقليم مَنْبج (انظر هذه المادة الواحدى، ص ٣٤ - ٢٥، ٣٨ - ٣٩، ٦٧ - ٦٦؛ اليازجى، ص ١٣ - ١٣، ٢٢ - ٢٣، ٢٨ - ٢٩) كما مدح بقصائد أخرى رجال الأدب فى طرابلس (الواحدى، ص ٨٨ - ٨٩، اليازجى ص ١٩ - ٢٠) واللاذقية (الواحدى ص ١١٦ - ١٣٥؛ اليازجى، ص ٦٦ - ٧٨) وشعر هذه المرحلة من حياة المتنبى متوسط القيمة تظهر فيه العجلة، ولكنا مع ذلك نلمح فى ثناياه آثار موهبته الحقة. فإذا استثنينا مرثية له وبعض مقطوعات ارتجالية فإن