ومن ثم فإنها أكبر الواحات فى العربية السعودية وأغناها. وعماد الزراعة فى الحسا الماء الموفور الذى تتزود به من آبار صناعية تزيد على الستين بئرا ينصب منها ما يربى على ٧٥,٠٠٠ لتر من الماء فى الدقيقة. ومنذ صدر القرون الوسطى على الأقل حين كان الإقليم يسمى هجر نسبة لقصبته، كان البلح هو أوفر وأشهر المحصولات المحلية، ومن ثم جاء المثل "كناقل التمر إلى هجر" وهو على غرار المثل الإنكليزى "كناقل الفحم إلى نيو كاسل" وأوسع صنف محلى انتشارا من البلح هو ما يعرف باسم "رُزْيْز" (وينسب إليه السكان أحيانا على سبيل المزاح فيقال لهم "الرزيزية")، أما الصنف الذى يعد خير البلح جودة فهو "الخُلاص". وقد أحصى فى الحسا ما يزيد على سبعين صنفا مختلفة من البلح لا يستعمل بعضها إلا علفا للحيوان، وثمة بند آخر له أهمية اقتصادية اشتهرت به المنطقة منذ وقت طويل وهو نوع محلى من الحمير البيضاء الطوال، كانت فى يوم من الأيام تصدّر بكثرة وخاصة إلى مصر والعراق. وطرأت على نظام الغذاء تغيرات ودخلت وسائل النقل بالعربات فأدى هذا إلى هبوط متوقع فى الأهمية الاقتصادية للبلح والحمير. على أن زيادة دفع الأجور بالنقد التى ترجع إلى نمو صناعة البترول فى الولايات الشرقية من العربية السعودية قد أحدث انتعاشا فى التجارة والمرافق والصناعات الخفيفة كما أحدث تنوعا أكثر فى المحاصيل الزراعية، وأصبح لصناعة المنسوجات (ويعمل منها محليا البشت الذى كان له من زمن بعيد شهرة يستحقها)، شأن، ولا تزال هذه الصناعة مادة هامة فى الكيان الاقتصادى للحسا.
تاريخها: إن الدراسة المفصلة لتاريخ الحسا، وخاصة فى عصورها القديمة، لا تزال تنتظر من يقوم بها. ويذهب البعض إلى أن الإقليم الذى كان يعرف فى القديم باسم "أتّين" ربما كان هو ما يعرف الآن بالحسا، ولكن ما من إشارة أخرى فى المصادر القديمة يمكن أن تكون ذات صلة بالواحة. ولا شك أن هذه المنطقة عرفت بالحسا (أو الأحساء) فى زمن النبى عليه الصلاة والسلام،