ومهما يكن من أمر فإن كل بيئة دينية قد طورت هذه القاعدة العامة الخاصة بالآراء فى الآخرة وطبقتها تطبيقا عمليا بما يناسب روح هذه البيئة (أنظر ملاحظات Tor Andrae. المصدر المذكور ص ٢٢٥). والتصورات المستعملة فى أوصافهم لا صلة لها بموضوع بحثنا الخاص بتناول علم الكلام عند المسلمين لهذه الأمور.
والإلمام بهذه المعلومات خليق بأن يتضمن مناقشة شاملة لهذه المسألة برمتها ألا وهى الجزاء على الأعمال الذى تمثل فى "الوعد والوعيد" فى الآخرة.
وحسبنا هنا أن نتناول بعض المسائل التى تتعلق بطبيعة الحساب نفسه، أو ببعض صوره، ونسوق بيانا موجزا بالحل العام الذى قالت به المذاهب المختلفة.
١ - "الوزن": تثير كلمة "حساب" نفسها فى الذهن خواطر عن العد والكيل وإقامة الميزان بالقسط. وقد أضفى عليها أغلبية المعتزلة، بل الفلاسفة، إلى حد كبير معنى مجازيا. والتزم "السلف الصالح"، والأشعرية بالمعنى الحرفى مع بعض التحفظات: يقدم الحكم العدل لكل إنسان بيانا بأعماله، التى "تجمع" و"توزن" وهنالك يظهر مع الكتاب الذى يتضمن بيانا بالحساب كما ذكرنا آنفا، "الميزان"، كما جاء فى القرآن الكريم (سورة الشورى، الآية ١٧؛ سورة الرحمن الآية ٧، الآية ٨، الآية ٩، وسورة الحديد، الآية ٢٥). والحساب فى اليوم الآخر هو أيضا "الوزن"(سورة الأعراف، الآية ٨)، فمن عمل صالحا ثقلت موازينه، ومن أساء خفت موازينه (سورة الأعراف، الآية ٨، والآية ٩).
٢ - مسألة "الاستحقاق" كل عمل لابن آدم يجازى به الله ثوابا أو عقابا. ويرى المعتزلة أن من يعمل حسنة "يستحق" بالضرورة أن يثاب عليها. واْن من يعمل سيئة يجازى عليها. وفى يوم الحساب إما أن تجمع "الاستحقاقات" على ما قدمه المرء من أعمال أو "تسقط" من حسابه. ويعتقد معظم المعتزلة والخوارج أن الجزاء له علاقة بنوع ما يرتكبه المرء من إثم، ويرون أن الكبيرة يمكن أن تمحق