"الاستحقاق" الذى يكسبه المرء بأى حسنات عملها قبل ذلك، وأنه يصلى نار جهنم خالدًا فيها. ومهما يكن من أمر فإن الجُبانى وابنه أبا هاشم، من المعتزلة المتأخرين فى البصرة، كانا يعتقدان أن الجزاء له علاقة بما يعمله المرء من حسنات وسيئات فيوازن بينهما وترجح إحداهما كفة الأخرى. وما يرجح منهما الآخر عددا و"وزنا" يحدد بالضرورة الثواب على ما قدمه المرء من حسنات، والعقاب على ما ارتكبه من سيئات (من شاء الاطلاع على خلاصة لوجهات النظر المختلفة فلينظر مثلا كتاب فخر الدين الرازى، المحصل، طبعة القاهرة، بدون تاريخ، ص ١٧٣).
على أن الأشعرية يرون أن أعمال الإنسان لا "تستحق" جزاء "الرازى، المصدر المذكور، ص ١٧٢ - ١٧٣؛ الجرجانى: شرح المواقف، طبعة القاهرة سنة ١٣٢٥ هـ = ١٩٠٧ م، جـ ٨، ص ٣٠٥ وما بعدها) وأنه يستحيل أن تمحق مجموعة من الأعمال مجموعة أخرى منها، فقد جاء فى القرآن الكريم (سورة الزلزلة، الآية ٧، الآية ٨) {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}، ولذلك فإن قيمة الإيمان لا تضار أبدا بارتكاب الآثام ولو كانت كبيرة وكثيرة استنادا إلى الحديث المشهور: "أخرجوا من كان فى قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان" (البخارى: كتاب الإيمان، ٣٣). وفضلا عن ذلك فإن كل حسنة "يضاعفها" الله بفضله كما يشاء للمؤمن. وكل سيئة لا تحسب إلا "بسيئة مثلها والحق أن كل شئ رهن بمشيئة الله.
ومن المعروف أن الله وعد بفضله ألا يحكم على المؤمن، حتى لو كان آثما، بأن يصلى نار جهنم خالدا فيها، وهو سبحانه وتعالى، إما أن يحكم عليه، وهو حكم عدل، بالعذاب فى نار جهنم لأمد محدود، أو يتفضل، وهو الرءوف الرحيم، فيغفر له ذنوبه. ومن ثم فإنه ليس من المحقق أن يعذب فى نار جهنم أى مؤمن آثم ولو كان ذلك إلى حين. وهذا موضوع لا يتفق فيه الحنفية الماتريدية مع الأشعرية (انظر عبد الرحمن بن على، نظام الفرائد، القاهرة بدون تاريخ، الطبعة الثانية، ص ٣٨ - ٣٩). ويرى الماتريدية حقا أن الله قد