ينطبق عليهم من بعض الوجوه - فحسب فإن أحدا من حكام الهند المسلمين لم يحاول أن ينفذ الأحكام الشرعية، إما خوفا من وقوع فتنة بين السكان الهندوس المحليين، أو لقضاء مأرب سياسى، والدليل الساطع على ذلك التدابير المتزندقة التى اتخذها أكبر وكان السلاطين منذ البداية الأولى لحكمهم بلدا من البلاد بالفتح فى معظم الأحيان (من القرن السابع إلى القرن العاشر الهجرى = القرن الثالث عشر إلى القرن السادس عشر الميلاديين) قد أدركوا أن المسلمين، فى وضعهم هذا بالهند، لا يمكن أن يسمح لهم بالتهاون فى أمور الدين أو الأخلاق إلا على حساب التماسك والوحدة أو فى بعض الأحيان، لقيام دولتهم حديثا. ومن هنا كان يعين دائما محتسب وقاض فى أية مستعمرة إسلامية يتم إنشاؤها أو مدينة لها حامية (انظر منهاج السراج: طبقات ناصرى، ص ١٧٥؛ العتبى، تاريخ يمينى، ص ٢٨٨؛ تاج المآثر ورقة ١٨٥) ولم يغفل هذا بلبن، الذى كان يرى أن وجود مصلحة للحسبة، على درجة كبيرة من الكفاية، ضرورة جوهرية للحكم الصالح، ولم يحدث أن قصر فى هذا، كما فعل أسلافه، حتى فى الجهات الصغيرة التى لا أهمية لها.
وإنا لنقرأ فى سفرنامه قاضى تقى متقى بجنور (سنة ١٩٠٩، ص ٢ وما بعدها) أن إيلتمش (٦٠٨ هـ ٦٣٣ هـ = ١٢١١ م -١٢٣٦ م) قد عين قاضيا فى أمباله التى لم تكن وقتذاك أكثر من دسكرة تسكنها بضع مئات من الأسر من عناصر شتى: وفى عهد السلطنة كانت الوظائف التى يقوم بها المحتسب والقاضى، والعلاقات بينهما، لا تختلف كثيرا عنها فى البلاد الكبرى (انظر ما سبق)، فقرة ١. وكان السلطان يتدخل أحيانا بشخصه للخلاص من العادات والبدع الخارجة على الدين أو المخالفة لأحكام الإسلام، وكذلك يتدخل فى الأمور التى تقع خارج الاختصاص العادى للمحتسب. مثال ذلك أن فيروز شاه تُغْلق منع كثيرا من الشعائر الشائعة، التى كان يرى أنها مخالفة لمبادئ الدين (انظر فتوحات فيروز شاهى، طبعة ش عبد الرشيد، عليكره سنة ١٩٥٤، ص ٦ - ١١). ومع ذلك