الذى أورده إخوان الصفاء "والحسّ هو تغيير مزاج الحواسّ عن مباشرة المحسوس لها، والاحساس هو شعور القوى الحسّاسة لتغيرات كيفية أمزجة الحواس"(رسائل إخوان الصفاء، بومباى سنة ١٣٠٥ هـ، جـ ٢، ص ٢٦١).
ويأخذ الفلاسفة المسلمون، بصفة عامة، بنظرية أرسطو فى الإدراك الحسى، حين يعرضون للحواس "الظاهرة". وتدرك المحسوسات بما تحدثه من تغيير فى الحاسة المحسوس لها، على أن هذا التغيير ليس مجرد تغيير سلبى، وإنما هو تحقق فى العضو لكيفية تطابق الكيفية المحسة التى توجد بالقوة فى هذا العضو، ويصف ابن سينا الفعل بأنه "استكمال" (Avicenna's De Anima طبعة F. Rahman لندن سنة ١٩٥٩، ص ٦٦).
ويصف الكندى فى كتابه "رسالة فى العقل" هذا العمل بما يأتى: "فالصورة التى فى الهيولى هى التى بالفعل محسوسة ... فإذا أفادتها النفس فهى فى النفس، وإنما تفيدها النفس لأنها فى النفس بالقوة فإذا باشرتها النفس صارت فى النفس بالفعل، وليس تصير فى النفس كالشئ فى الوعاء ولا كالمثال فى الجرم، لأن النفس ليست بجسم ولا متجزئة: فهى فى النفس والنفس شئ واحد ... وكذلك أيضًا القوة الحاسة ليست هى شيئًا غير النفس: ولا هى فى النفس كالعضو فى الجسم، بل هى النفس وهى الحاس ... فإذن المحسوس فى النفس هو الحاس"(رسائل الكندى الفلسفية، تحقيق محمد عبد الهادى أبو ريدة، القاهرة سنة ١٩٥٠، ص ٣٥٤ - ٣٥٥).
وليست ثمة حاسة تدرك بالاتصال المباشر بالمحسوسات، ذلك أنها لا تستطيع حقًا أن تفعل على هذا النحو، فهى تعمل عن طريق متوسط، هو بالنسبة لمعظم الحواس الهواء أو الماء. على أن الفلاسفة المسلمين، يخالفون فى هذا أرسطو ويستثنون اللمس، ويرون أن اللحم حاسة، وليس متوسطًا للحس. بل إن ابن رشد فى مصنفه "تلخيص