ولعل هذه الواقعة تفسر، إلى حد ما، ما ينسب إلى حسان من تعطف مع بنى أمية، يتمثل فى (أو ينعكس - فى قصائد منحولة له) عدد كبير بعض الشئ من قصائد رثى بها عثمان (٨ من ٣٢) وهى تنسب إلى حسان فى الديوان وفى مواضع أخرى ومهما يكن من أمر فقد كان لحسان أطم يملكه وكان ثريا يصادق رجالا من أمثال قيس بن الخطيم الشاعر الأوسى، وسلام بن مِشْكم سيد بنى النضير. ويبرز حسان عام ٥ هـ (٦٢٧ م) فى قصة الإفك الذى رميت به عائشة، إذ يقال إنه جوزى لاشتراكه فى جريمة القذف. وإن صفوان بن المعطَّل هاجمه وأصابه بجرح ثم أصلح بينهما النبى [- صلى الله عليه وسلم -]، ووهب له سيرين، وهى جارية مصرية، وهدايا أخرى. ومهما يكن من أمر فإن القصة (والدور البارز الذى يفترض أن حسان قام به فيها وعزاه بعض المصادر ومنهم ابن هشام، إلى عبد الله بن أبى لا إلى حسان) حظيت باهتمام زائد من الأجيال المتأخرة، ويجب تمحيصها جملة وتفصيلا على أساس وما وقع بين المهاجرين وأهل المدينة من احتكاك، فى المدينة وفى أثناء الحملة على بنى المصطلق، وهنالك نشأت هذه القصة، (من أراد أن يبحث تفصيلات الخلاف فلينظر و. عرفات، A controversial incident in the life of Hassan b -Thabit, Bulletin of the - school of Oriental studies, London Institu tion؛ فى ٨، سنة ١٩٥٥.
وقد أدرك المسلمون عامة، وأهل المدينة خاصة، وقتذاك أو بعد حصار المدينة مباشرة، الحاجة إلى تأييد معظم الشعراء، وقوبل بالترحيب إسهام حسان فى هذا المجال بصفة خاصة. وكان أبو بكر لا يضن بإبداء رأيه وتقديم الحقائق الضرورية من أجل الحصول على نتيجة أفضل. وما إن انضم حسان إلى جماعة من المسلمين حتى استخدم مواهبه لمصلحة الإسلام، بالرغم من أنه لم يشارك فى الجهاد، ولعل السبب فى هذا يرجع إلى تقدمه فى السن، وليس إلى ما فطر عليه من جبن، كما ألمح البعض إلى ذلك كثيرا. وعلى أية حال فإن شأن حسان الشاعر، حتى قبل الإسلام، كان هو الغالب.