وفى عام ٩ هـ (٦٣٠ م)"عام الوفود" يقال إن حسان أتيحت له الفرصة لإلقاء شعر امتدح فيه النبى [- صلى الله عليه وسلم -] فى حضور وفد هام لبنى تميم. وتحظى هذه الزيارة عادة بمكانة بارزة، ومع ذلك فإن الغرض منها غير معروف على وجه اليقين، والرأى القائل بأن أصحاب الوفد أسلموا عند سماعهم قصيدة حسان موضع شك، والحق أن وجود ثلاث قصائد مختلفة، يدعى البعض أن كلا منها هى القصيدة التى ألقيت فى هذه المناسبة، يدل على ما يكتنف هذا الشعر من شك، وعلى ما كان يتمتع به حسان من تقدير كبير على السواء.
ولا يسمع بعد ذلك عن حسان إلا القليل، اللهم إلا حين طلب عمر الاستئناس برأيه الخبير فى قصيدة للحطيئة تضمنت قذفًا فى حق الزبرقان ابن بدر، أو حين كان يسمع بين الفينة والفينة وهو يلقى شعره. وحدث فى إحدى المناسبات، فى مرحلة متأخرة بعض الشئ من حياته، أن خرج من عزلته على مضض، ليعين ابنه عبد الرحمن، وهو أقل براعة منه، فى معركة القذف فى حق النجاشى. وهو فيما عدا ذلك قد أخذ يطعن فى السن. ويشعر بالسعادة ويغمره إحساس مرهف حين يستغرق فى ذكرياته عن زياراته لآل غسان، ولكن الشعور بالحزن والاستنكار كان يفيض به حين يقارن بين ما كان يلقاه من احتفال صاخب مهيب فى بلاط آل غسان وبين استمتاع أبنه وأترابه المطلق بأسباب المتع التى جدت لهم.
وفى الفتنة على عثمان، جاهر حسان وكعب بن مالك والنعمان بن بشير وآخرون بإعلان تأييدهم للخليفة المحاصر بل أنهم (كما روى الطبرى فى كتابه، جـ ١، ٢٩٧١) حاولوا أن يثنوا المتمردين عن هدفهم. وبعد مقتل عثمان مضوا إلى معاوية فأعطى كلا من حسان وكعب منحة من المال، وكافأ النعمان بن بشير من بعد إذ أقامه واليًا، وكان لحسان ابنة واحدة، أظهرت فى إحدى المناسبات أنها قد رزقت ملكة الشعر، وأنجب من سيرين، فى قول معظم المصادر، ابنا هو عبد الرحمن،