للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا إلى المدينة وأن يكتب الحسين الى يزيد أو إلى ابن زياد، وقال الحرّ فى الوقت نفسه أنه سوف يكتب إلى ابن زياد آملا أن يتلقى منه ردًا يخرج به من هذه المحنة المؤلمة. على أن الحسين لم يوافق على اقتراحاته فتبعه الحرّ عن كثب وراح يحذره من حين إلى حين قائلا "يا حسين، إنى أذكرك الله فى نفسك، فإنى أشهد لئن قاتلت لتقتلن". ولكن الحسين لم يكن يخشى الموت؛ وحدث توقف فى ناحية نينوى (وهى جزء من سواد الكوفة)، وأقبل فارس من الكوفة فلم يحيى الحسين وسلم إلى الحرّ رسالة من ابن زياد يأمره فيها بألا يسمح لهم بالتوقف إلا فى مكان صحراوى ليس فيه حصون ولا ماء. وهنالك اقترح زهير بن القين أن يهاجم الحسين سرية الحرّ الصعيرة ويحتل العَقْر المحصنة، فأبى الحسين أن يبدأ بالعداوة.

وفى الثانى من المحرم ضرب خيامه فى كربلاء وهو مكان يتبع ناحية نينوى. وفى الثالث من هذا الشهر ساءت الحال. فقد وصل من الكوفة جيش من أربعة آلاف رجل يقودهم عمر ابن سعد بن أبى وقاص الذى كان قد أقيم نائبًا لابن أبى زياد فى السر، وأنفذ إلى "دَسَتبى" ليخمد فتنة أثارها الديلم، ثم استدعاه ابن زياد ليخضع الحسين. وحاول عمر عبثًا أن يتخلى عن هذه المهمة الكريهة، ولكنه هُددَ بأنه سوف يفقد منصبه، فاضطر آخر الأمر إلى طاعة الأمر. وبلغ عمر كربلاء وعلم من رسول أن الحسين قد عقد العزم وقتها على التراجع، ولكن ابن زياد صمم عندما بلغته هذه الأخبار على بيعتهم جميعًا ليزيد. وكانوا قد منعوا فى هذه الأثناء من بلوغ النهر. وأقام عمر بن سعد عمرًا بن الحجاج الزبيدى فى خمسمائة فارس فى الطريق المؤدى إلى الفرات، ومن ثم ظل الحسين وحزبه ثلاثة أيام يعانون من العطش أشد البلاء ونجحت جماعة جريئة يقودها أخو الحسين العباس فى اختراق الحصار إلى النهر، ولكنها لم تفلح إلا فى ملء قرب قليلة بالماء. وكان ابن سعد فى الوقت نفسه لا يزال يحاول عقد اتفاق مع المنتقضين ويتفاوض مع الحسين ليلًا. ولم