يحضر أحد الأحاديث التى دارت بين الرجلين، ولكن أشيع أن الحسين قد طلب من ابن سعد أن يختاروا منه خصالا ثلاث: إما أن يرجع إلى المكان الذى أقبل منه، وإما أن يضع يده فى يد يزيد بن معاوية فيرى فيما بينه وبينه رأيه، وإما أن يسيروه إلى أى ثغر من ثغور المسلمين شاءوا، فيكون رجلًا من أهله، له ما لهم وعليه ما عليهم (الطبرى، جـ ٢، ص ٢٨٧، ٣١٤، ٤٣٦؛ البلاذرى، ص ٦٤٤ ظهر وغير ذلك من الصفحات). وفى هذا الصدد نصح ابن زياد ناصح سوء هو شَمِر (وهو يعرف عادة شمرْ بين الشيعة) بن ذى الجوشن (وكانَ من قبل من أنصار على وشهد معه صفين: انظر الطبرى، جـ ١، ص ٣٣٠٥). وكان الوالى أجنح إلى المصالحة لولا أن أقنعه شمر بأنه يجب عليه أن يجبر حسينًا على الطاعة ما دام قد دخل فى أرض تقوم فى حدود ولاية ابن زياد. ومن ثم أمر ابن زياد عمر بأن يهاجم الخارج على الخلافة إذا رفض أن يقبل الشروط التى وضعت له، أو يترك قيادة الجنود لشِمْر الذى يحمل لعمر هذا الأمر (الطبرى، ص ٣١٥). بل يقال إن ابن زياد أضاف أن الحسين إذا هلك فى القتال:"فأوطئ الخيل صدره وظهره، فإنه عاق مشاق، فاطع ظلوم، وليس دهرى فى هذا أن يُضَرَّ بعد الموت شيئًا"(الطبرى، جـ ٢، ص ٣١٦). ولقى ابن سعد شمرًا وقال له "أفسدت علينا أمرًا كنا رجونا أن يصلح" وكان ابن سعد واثقًا من أن الحسين لن يستسلم لأن "نفسًا أبية لبَيّن جنبيه".
وفى ليلة التاسع من المحرم تقدم ابن سعد وجنوده نحو جماعة المنتقضين، وكان الحسين جالسًا أمام خيمته مائلًا على سيفه وخفق برأسه على ركبتيه، ذلك أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المنام يقول له إنه سيلحق به، وحذرته أخته زينب بأن جنود ابن سعد يتقدمون نحونا، فأرسل أخاه العباس ليعرف السر فى قدومهم. وفى انتظار عودة الرسول تراشق الطرفان بالمحاذير والمثالب واللعنات. وعاد العباس وعلم ما يأمر به ابن زياد، وطلب الحسين تأخير قدوم الجنود ليلة فأجيب إلى طلبه، ثم تحدث إلى أقربائه وأنصاره حديثًا تذكّره من بعد ابنه على، وهو الرجل