وظل على باشا يتولى الحكم قرابة عشرين سنة لم تواجهه فيها أحداث، ولكنه واجه سنة ١٧٥٢ فتنة ابنه يونس، ثم واجه ما هو أخطر سنة ١٧٥٦ فقد انقض عليه ابن عمه محمد بن الحسين وغزا تونس بمعاونة الجنود الجزائريين. ونهب هؤلاء المدينة التى كان يتولى حمايتها حامية ضعيفة جنود تونسيون جندهم على باشا ليحلوا محل الإنكشارية الأتراك.
وخلف محمدا (١٧٥٦ - ١٧٥٩) أخوه على بك (١٧٥٩ - ١٧٨٢) الذى عاد إلى السياسة القديمة التى كانت تقضي بتجنيد القوات من الشرق. ولم يعترف السلطان العثماني بعلى بك إلا واليا على ولاية تونس فحسب، إلا أن الباى كان في الواقع ينعم باستقلال ذاتى يوشك أن يكون استقلالا كاملا، ذلك أن الحكومة التركية لم تتدخل بحال في الشئون الداخلية لتونس، وظلت الأمور تسير على هذا المنوال حتى سنة ١٨٣٥ واستطاع الباي بذلك أن يبرم معاهدات مع الدول الأوربية ونشأت الخلافات في الرأي بين تونس وفرنسا أول ما نشأت في عهد على باشا سنة ١٧٤١ - ١٧٤٢ حول شركة إفريقية، واستفحل الخلاف سنة ١٧٦٩ - ١٧٧١ في عهد على بك حول ضم جزيرة قورشقة إلى فرنسا واحتكار صيد المرجان، وبفضل زوج ابنة الباى وكبير وزرائه مصطفى خوجه سوى هذا الخلاف ومن يومها استقر قنصل عام فرنسى في تونس.
أما الباى التالى حمودة باشا (١٧٨٣ - ١٨١٤) فقد وجد نفسه في صدام عنيف مع البنادقة (١٧٨٤ - ١٧٩٢) الذين قذفوا بالقنابل السوس والقلعة وتعاونوا مع الجزائريين فغزوا الأراضى التونسية مرتين، مرة سنة ١٨٠٧, ومرة سنة ١٨١٣. وفى تونس نفسها ألفى حمودة باشا نفسه يواجه فتنة أشعلها الإنكشارية. واستطاع بمعاونة يوسف صاحب الطابع ورئيس الوزراء الفعلى أن يخمد هذه الفتنة وحلَّ آخر الأمر فرقة الإنكشارية (١٨١١). وحمودة باشا هو الذى أقام دار الباي بالقرب من القصبة كما شيد قصر المنُّوبة.