وتولى الحكم مدة قصيرة الباى عثمان (سبتمبر - نوفمبر سنة ١٨١٤) وخلفه أخوه محمود (نوفمبر سنة ١٩١٤ - مارس سنة ١٨٢٤) فعاد إلى السنة التى كانت متبعة وهى تجنيد الإنكشارية في الشرق لرد هجمات الجزائريين. على أنه صالح آخر الأمر أوجاق الجزائر سنة ١٨٢١ وأهم من ذلك كله أنه لم يجد مناصا من أن يقمع غارات مراكب القراصنة بناء على طلب الدول الأوربية بعد مؤتمرى فينا وايكس لاشابل سنة ١٨١٩، وكان ذلك يصيب الاقتصاد التونسي بخسارة كبيرة. وقد أيد الباى حسين (١٨٢٤ - ١٨٣٥ م) الإمبراطورية العثمانية في المراحل المختلفة التى مرت بها "المسألة الشرقية" مما أدى إلى تدمير الأسطول التونسى في نافارينو وفكر هذا الباى أيضًا في التدخل في شئون بلاط طرابلس في أعقاب الأحداث التى وقعت فيها بين سنتى ١٨٣٢ و ١٨٣٥، فلما عادت الحكومة التركية وجعلت طرابلس ولاية يحكمها مباشرة عمال من الأتراك، تخلى الباى عن دعواه هذه. وفى عهد الباى مصطفى (١٨٣٥ - ١٨٣٧) والباى أحمد (١٨٣٧ - ١٨٥٥) توترت العلاقات بين تونس واستانبول. وحاول سلطان الأتراك، تؤيده بريطانيا العظمى، أن يرد تونس إلى الطاعة والالتزام بها، فحاول أحمد، تؤيده فرنسا، أن يحمى استقلاله الذاتى. ونجح الباى في رفضه أداء الخراج الذى يطالب به الباب العالى، ومنح لقب والى ولقب مشير، ولكنه أجبر على اتباع السنة الجارية بأن يتلقى براءة تعيينه في ولايته وتثبيته فيها بفرمان من السلطان. زد على ذلك أن الباى أحمد أظهر ولاءه للسلطان بإرساله حملة من تونس إلى تركية في أثناء حرب القريم. وكان هذا الباى أيضًا أول من أدخل إصلاحات في بلاد تونس كما أقام مرافق عامة كبيرة. واقتضى ذلك كله نفقات باهظة أفاد منها الفائدة الأكبر رجال الأعمال الأروبيون ووزير المالية مصطفى الخازندار، وتطلب ذلك فرض ضرائب جديدة ويذكر للباى أحمد أيضًا أنه ألغى الرق وأطاح بالقانون الذى يجعل اليهود التونسيين في مرتبة دنيا.