الآلات الثقيلة، كما كانت هذه الفيلة نفسها مجهزة بأسلحة لدك الأسوار والعمائر (وفى استخدام مثل هذه الحيوانات على نطاق أضيق بعدُ، انظر الجوينى طبعة بويل Boyle جـ ٢، ص ٣٦٠، حين أسرت الفيلة من جيش الخوارزميين، واستخدمها القراخطاى في دك أسوار بلاصغون). كما استخدم المهندسون المتخصصون، وعمال الأشغال العسكرية، وخبراء حفر الأنفاق في الجيش الغزنوى لتشغيل المجانيق وشق الأنفاق في أسافل الحصون. ومست الحاجة إلى مهارات هؤلاء بوجه خاص في حملات السلطان وابنه مسعود على إقليم "الغور" في أفغانستان الوسطى حيث تركزت مقاومة الزعماء من أهل البلاد في الأبراج والمواقع المنيعة. وكانت هذه الأبراج تُقذف بالصخور وتحفر الأنفاق في أسافلها، ويذكر البيهقي بعدُ أن الأناشيط كانت تلقى على شرفات القلاع حتى تتمكن القوات الغزنوية من تسلق جدرانها (انظر C.E. Bosworth: Ghaznavid military organisation في مجلة Der Islam, عدد ٣٦، سنة ١٩٦٠, ص ٦٥, ٦٨، وانظر The Ghaznavids their empire in Afghnistan and eastern ١٠٤٠, ٩٤٤ Iran, إدنبرة، سنة ١٩٦٣، ص ١١٨، ١٢١).
والسلاجقة، وهم شعب تركى يعيش في السهوب، كان لا بد لهم من تعلم فن الحصار حين دخلوا العالم الإسلامى، وظلوا زمنًا يكنون الاحترام للمبانى المتينة وللتحصينات. ويذكر البندارى (ص ٣٧) أن إعجاب ألب أرسلان بأسوار آمد في ديار بكر التى اشتهر بمتانتها (انظر ناصر خسرو سفرنامه، طبعة دبير سياقى، طهران سنة ١٣٣٥ هـ = ١٩٥٦ م، ص ٩) دفعه إلى لمس هذه الأسوار بيديه ثم مرر يديه على صدره تبركًا بها. وحين غزا السلاجقة بلاد فارس أرغموا سكان مدنها على الخضوع بإبعادهم عن المناطق التى كانت تمدهم بالحاصلات الزراعية، ولم يخضعوهم بالهجوم المباشر؛ وظل طغرل سنة ٤٤٢ هـ (١٠٥٠ م) محاصرًا إصفهان ما يقرب من عام حتى استسلم أبو منصور فرَ مرز من أسرة بنى كاكويه (ابن الأثير،