وتعد الأخبار التاريخية لحضرموت القديمة مشكلة أصعب من مشكلة أخبار تلك المناطق القائمة أبعد من ذلك غربًا. وقد زودتنا كل من المصادر الأولية والثانوية بجملة أسماء لملوك حضرموت، ولكن ترتيب هذه الأسماء وفقًا للأزمان التاريخية لم يتم على نحو مرض بعد. وغاية ما يمكن أن يقال في الوقت الحالى هو أن أقدم النصوص الحضرمية ظهرت بعد ذلك بقليل في النصوص السبئية الوافرة، وعلى ما يبدو أن مملكة حضرموت المستقلة قد انتهت في أواخر القرن الثالث الميلادى تقريبًا. وفى فترة لاحقة للقب ملوك سبأ وذى ريدان بألقاب يزعمون فيها أن حضرموت جزء من ممتلكاتهم. وكان أول حاكم فعل ذلك هو شمريهرعش الذي تذكره المصادر الإسلامية باسم شَمْريَرْعَش (الطبرى، جـ ١، ص ٩١٠). على أنه يظهر أن سكان المنطقة كانوا يضمون في تاريخ أقدم من ذلك جيوبًا سبئية، ونستنبط هذا الحكم من بعض النقوش المتناثرة المكتوبة باللهجة السبئية القديمة، ومن أن أحد ملوك سبأ (زعم Pirenne بأنه عاش حوالى سنة ٢٥٠ ق. م.) قد فرض سلطانه على قبائل نجود حضرموت (Corpus inscriptionum semiticarum, جـ ٤، ص ١٢٦).
واشتركت حضرموت أيام استقلالها في صور مختلفة من الحروب والأحلاف مع الدول الأخرى بجنوب جزيرة العرب، ويوجد الشاهد الجوهرى عليها في نصوص باللهجة السبئية. والحدثان الرئيسيان اللذان ورد ذكرهما في نصوص أهل حضرموت هما تحصين لبنة لصد عادية قبيلة حمير (وتشير البحوث الجغرافية على أن هذا يدل دون شك على بطن من حمير كان يحتل الشريط الساحلى غربى المُكلَّا. وهو الجزء الذي يستوطنونه الآن)، بالإضافة إلى تحصين قلعة مويت (حصن الغراب) في فترة الاضطراب التي أعقبت موت ذى نواس في مطلع القرن السادس الميلادى.
ويعد موقع قصبة حضرموت (كما يقول إراتوسثنيس) عند شبوه موقعًا ممتازًا لقيامها بالجزء الشمالى الغربى من الأراضى الحضرمية بوادِ صغير